للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٦٤ - وعن بُريدة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلمُهم إذا خرجوا إلي المقابر: ((السلامُ عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية)). رواه مسلم.

ــ

الاستغفار لها، فلم يأذن لي))، ونزل {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي} الآية.

الحديث الثالث عن بريدة: قوله: ((السلام عليكم)) في موضع نصب ثإني مفعولي ((يعلّم)) أي يعلمهم كيفية التسليم علي أهل المقابر. وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يؤخرون السلام. قال الحماسي:

عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحَّما

فخالفهم وقدم صلى الله عليه وسلم.

((مظ)): فيه أن السلام علي الموتي كما هو علي الأحياء في تقديم الدعاء علي الاسم، ولا يقدم الاسم علي الدعاء، كما تفعله العامة، وكذلك في كل دعاء بخير، قال الله تعالي: {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} وقال سبحانه: {سلام علي إل يس}. قوله: ((أهل الديار)) ((نه)): سمي النبي صلى الله عليه وسلم موضع القبور داراً، تشبيهًا له بدار الأحياء لاجتماع الموتي فيها.

قوله: ((وإنا إن شاء الله بكم للاحقون)) ((نه)): قيل: معناه إذا شاء الله، وقيل: ((إن)) شرطية، والمعني: لاحقون بكم في الموافاة علي الايمان. وقيل: هو التبرك والتفويض، كقوله تعالي: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين}. وقيل: هو علي التأديب. عن أحمد ابن يحيي: استثني الله تعالي فيما يعلم ليستثنى الخلق فيما لا يعلمون، وأمر بذلك في قوله: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله}

أقول: لما قال: ((أهل الديار))، وبين أنهم مؤمنون مسلمون، وقد مر أن الإسلام قد يكون دون الإيمان وفوقه، وهذا من الثاني نحو قوله تعالي: {قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين} ولذلك طلب اللحوق بهم، ووسط في البين كلمة التبرك، ومنه قول يوسف عليه السلام: {توفني مسلمًا وألحقني بالصالحين}.

<<  <  ج: ص:  >  >>