٥٠٦٦ - وعن أبي ذر، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر؛ لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق)). [٥٠٦٦]
٥٠٦٧ - وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، والتودد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم)) روى البيهقي الأحاديث الأربعة في ((شعب الإيمان)). [٥٠٦٧]
ــ
الحديث الثالث عن أبي ذر رضي الله عنه: قوله: ((لا عقل كالتدبير)) أراد بالتدبير العقل المطبوع. كما سبق أن العقل المسموع لا يعتد به ولا يحتسب لصاحبه إلا بالعقل المطبوع. قوله:((ولا ورع)) ((نه)): الورع في الأصل الكف عن المحارم والتحرج منه، يقال: ورع الرجل يرع- بالكسر فيهما- ورعا ورعة فهو ورع، وتورع من كذا. ثم استعير للكف عن المباح والحلال.
فإن قلت: فعلى هذا: الورع هو الكف، فكيف قيل:((ولا ورع كالكف))؟.
قلت: الكف إذا أطلق، فهم منه الكف عن الأذى أو كف اللسان، كما قال صلى الله عليه وسلم:((كف عليك هذا)) وأخذ بلسانه كأنه قيل: ولا ورع كالصمت أو كالكف عن أذى المسلمين. ((ولا حسب كحسن الخلق)). أي لا مكارم مكتسبة كحسن الخلق مع الخلق، فالأول عام والثاني خاص.
الحديث الرابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((نصف المعيشة)) وذلك أن كلا طرفي التبذير والتقتير ينغص كل العيش والتوسط فيه هو العيش، والعيش نوعان: عيش الدنيا، وعيش الآخرة، كما أن العقل صنفان: مطبوع ومسموع، والمسموع نوعان: معاملة مع الله ومعاملة مع الخلق. وقوله:((وحسن السؤال نصف العلم)) فإن السائل الفطن يسأل عما يهمه وما هو بشأنه أعنى، وهذا يحتاج إلى فضل تمييز بين مسئول ومسئول. فإذا ظهر بمبتغاه وفاز به كمل علمه، وعلى هذا يمكن أن يحمل قوله:((لا أدري نصفا العلم)). والله أعلم.