بالمعصية حل سخط الله، وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس، وإذا أصاب الناس موت وأنت فيهم، فاثبت، وأنفق على عيالك من طولك، ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله)). رواه أحمد.
٦٢ - وعن حذيفة، قال: إنما النفاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأما اليوم، فإنما هو الكفر، أو الإيمان. رواه البخاري.
ــ
وإذا كان خارجا منه لا يجوز الدخول. ((الطول)) الفضل من المال، وقوله تعالى:{ومَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً} كناية عما يصرف في المهر والنفقة.
وقوله:((ولا ترفع عنهم عصاك، وأخفهم في الله)) كنايتان عن تأديبهم وإنذارهم، و ((أدبا)) مفعول له وفيه إضمار، أي اضربهم تأديبا يؤدي إلى أن يتأدبوا أدبا، على قدر الزجاج في قوله تعالى:{واللَّهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} أي أنبتكم فتنبتون نباتا.
الحديث الثاني عن حذيفة: قوله: ((إنما النفاق)) يعني: حكم المنافقين من إبقاء أرواحهم، وإجراء أحكام المسلمين عليهم، كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام بناء على مصالح، منها: أن المؤمنين إذا ستروا على المنافقين أحوالهم، خفي على المخالفين أمرهم، حسبوا أنهم من جملة المسلمين، وأن جملتهم واحدة، فكان ذلك سببا لاجتنابهم محاربة المسلمين؛ لكثرة عددهم، بل يؤدي ذلك إلى استشعار الخوف منهم، قلة شوكتهم، وإذا ظهر الله عليهم انقلبت إلى مفاسد، منها: أن الكفار إذا سمعوا محاسنة المسلمين مع من يصحبهم واستهزاؤهم معهم، كان ذلك سببا لنفرتهم وعدم تألفهم.
ومنها: وأن من شاهد حسن تخلقه مع مخالفه رغبوا في صحبته، ووافق معه سرا وعلانية مزيد رغبته، ودخل في دين الله بوفور نشاط ورغبة. وأما بعد النبي عليه الصلاة والسلام فالحكم: إما الكفر والقتل، أو الإيمان سرا وعلانية؛ لقوة شوكة المؤمنين وغلبتهم وكثرتهم وضعف أعدائهم.
قوله:((فأما اليوم)) إلى آخره. قوله:((إنما هو)) هذا الضمير كما في قوله تعالى: {إنْ هِيَ إلَاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}. ((الكشاف)): هذا الضمير لا يعلم ما يعني به إلا بما يتلوه من بيانه، و ((أو)) فيه كما في قوله تعالى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} فالمعنى: ليس الكائن اليوم إلا الكفر أو الإيمان، ولا ثالث لهما.