٦١ - عن معاذ، قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات، قال:((لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا؛ فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله، ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية؛ فإن
ــ
التغليظ والتشديد في الوعيد، هذا من باب الزجر والتشديد. وهو كقول القائل لمن اشتهر بالرجولية والمروءة، ثم فعل ما ينافي شيمته عدم عنه المروءة والرجولية تعييرا وتنكيرا؛ لينتهي عما صنع، واعتبارا وزجرا للسامعين، ولطفا بهم وتنبيها إلى أن الزنا من شيم أهل الكفر وأعمالهم، فالجمع بينه وبين الإيمان كالجمع بين المتنافيين. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ((فكان فوق رأسه مثل الظلة)) – وهي أول سحابة تظل – إشارة إلى أنه وإن خالف حكم الإيمان؛ فإنه تحت ظله لا يزول عنه حكمه ولا يرتفع عنه اسمه.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن معاذ: قوله: ((وإن قتلت وحرقت)) شرط جيء به للمبالغة، وفيه إضمار أي وإن عرضت للقتل والتحريق، ((وإياك والمعصية)) تحذير وتعميم بعد التخصيص وإيذان بأن المعاصي السابقة أعظمها ضرا وأكثرها اعتبارا.
وقوله:((فإن بالمعصية)) اسم ((إن)) ضمير الشأن حذف من ((إن)) المكسورة المثقلة كقول الشاعر:
فلا تخذل المولى وإن كان ظالما فإن به تنال الأمور وترأب
والتقدير فإنه يقول: لا تخذل مولاك وإن ظلمك؛ فربما تحتاج إليه، وترجع إلى معاونته في بعض الأمور ليجبر كسرك. وقيل: لا يحذف؛ لأن المقصود من الكلام المصدر به – هو التعظيم والفخامة – فلا يلائمه الاختصار. قلت: فيه نظر؛ لأنه لو كان كما قيل لوجب أن لا يحذف أصلا، وقد حذف اسم كاد في قوله تعالى:{كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ} وأما قول ابن الحاجب: وحذفه منصوبا ضعيف، فقد ضعفوه أيضا، وكيف تقول ذلك؟ وقد جاء في الكلام الفصيح قال صلى الله عليه وسلم في النهي عن الصلاة في أوقات الكراهة:((أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم)) الحديث، أي فإن الأمر والشأن حينئذ، أخرجه مسلم.
وقوله:((موت)) أي طاعون ووباء، وقد ورد أن الطاعون إذا ورد في بلد لا يجوز الخروج منه، وقوله:((موت)) أي طاعون ووباء، وقد ورد أن الطاعون إذا ورد في بلد لا يجوز الخرج منه،