١٨٨٢ - وعن أبي ذَرٍّ، أنَّه استأذنَ علي عُثمانَ، فأذنَ له وبيده عصاهُ، فقال عُثمانُ: يا كعبُ! إنَّ عبدَ الرَّحمنِ توُفي وتركَ مالاً، فما ترى فيه؟ فقال: إنْ كانَ يصلُ فيه حقَّ الله، فلا بأسَ عليه. فرفع أبو ذرٍّ عصاهُ فضربَ كعبًا، وقال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((ما أُحبُّ لو أَنَّ لي هذا الجبلَ ذهبًا أُنفِقُه ويُتقبَّلُ مني أَذَرُ خلفي منه ست أَواقِيَّ))، أنشدُكَ باللهِ يا عثمانُ! أسمعته؟! ثلاثَ مرَّاتٍ، قال: نعم. رواه أحمد [١٨٨٢].
١٨٨٣ - وعن عُقبةَ بن الحارِثِ، قال: صلّيتُ وراء النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصرَ، فسلَّم، ثمَّ قامَ مُسرعًا، فتخطَّى رقِابَ النَّاسِ إلي بعض حُجَرِ نسائه، فَفزعَ الناس منْ سُرعتِه، فخرجَ عليهِمْ، فرأي أنَّهم قدْ عجِبوا من سُرعتِه؛ قال:((ذَكَرتُ شيئًا من تبر عندنا فكرهتُ أنْ يحبِسنَي، فأمرتُ بقسمته)). رواه البخاريُّ. وفي روايةٍ له، قال:((كنتُ خَلّقتُ في البيتِ تبرًا من الصَّدَقةِ، فكرِهتُ أنْ أُبيته)).
١٨٨٤ - وعن عائشة [رضي الله عنها]، أنَّها قالت: كانَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم عندي في مرضه ستَّةُ دنإنير أو سبعةٌ، فأمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقَها، فشغلَني وجَعُ نبيُ الله صلى الله عليه وسلم ثم سألني عنها ((ما فَعَلتِ الستةُ أو السَّبعةُ؟)) قلتُ: لا واللهِ، لقدْ كانَ شغلَني
ــ
الحديث الثامن عن أبي ذر: قوله: ((فضرب كعبًا)) فإن قلت: لم ضربه، وقد قيد ما ترك من المال بقوله:((إن كان يصل فيه حق الله)) وقد ورد ((ما أدى زكاته فليس بكنز))؟ قلت: إنما ضربه؛ لأنه نفي البأس علي سبيل الاستغراق حيث جعله مدخولا لـ ((لا)) التي لنفي الجنس، وكم من بأس، وأقله أنه يدخل الجنة بعد فقراء المهاجرين بزمان طويل، ويوقف للحساب، وما أشبهه. وقوله:((ويتقبل منى)) تتميم لإرادة المبالغة في عدم المحبة. قوله:(أذر)) مفعول ((أحب)) علي حذف ((أن)) ورفع الفعل، كقوله: أحضر الوغى.
الحديث التاسع عن عقبة: قوله: ((كرهت أن يحبسنى)) أي يلهينى عن الله، ويحبسنى عن مقام الزلفي، كما قال في حديث انبجإنية أبي جهم.
الحديث العاشر عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ما فعلت الستة)) يجوز أن يروى بالنصب والرفع، والرفع أفصح كما جاء: ما فعل أبوأي، وما فعل النغير. ولا بد من محذوف أي ما فعلت بها؟ أأنفقت أم لا؟ فأجابت بلا، ثم اعتذرت مقسمة بالله. وفي وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم