١٩١٤ - وعن فاطمة بنت قيس، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ في المالِ لَحقاً سوى الزكاةِ)) ثمَّ تلا:} ليس البِرَّ أن تُوَلُّوا وُجوهكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغرِب {الآية. رواه الترمذي، وابن ماجه، والدارمي. [١٩١٤]
١٩١٥ - وعن بُهَيْسةَ، عن أبيها، قالت: قال: يا رسولَ الله! ما الشيء الذي لا يحلُّ منعُه؟ قال:((الماءُ)). قال: يا نبيَّ الله! ما الشيء الذي لا يحِلُّ منعُه؟ قال:((الملحُ)) قال: يا نبيَّ الله! ما الشيء الذي لا يحلُّ منعُه؟ قال:((أن تفعلَ الخيرَ خير لك)). رواه أبو داود. [١٩١٥].
ــ
الحديث الثامن عن فاطمة بنت قيس: قوله: ((إن في المال لحقاً سوى الزكاة)) ((مظ)): حق المال أن لا يحرم السائل، وأن لا يمنع متاع بيته من استعارة، كالقدر والقصعة وغيرهما، ولا يمنع أحداً الماء والملح والنار.
قوله:((تم تلا: {ليس البرَّ أن تُوَلُّوا وجوهكم قبَلَ المشرق والمغرب ولكنَّ البِرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال علي حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة} الآية. وطريق الاستدلال أنه تعالي ذكر إيتاء المال في هذه الوجوه، ثم قفاه بإيتاء الزكاة، فدل ذلك علي أن في المال حقاً سوى الزكاة. واعلم أن الحق حقان: حق يوجبه الله تعالي علي عباده، وحق يلتزمه العبد علي نفسه الزكية الموقاة عن الشح الذي جبلت عليه، وإليه الإشارة بقوله: ((علي حبه)) أي حب الله، أو حب الإيتاء. وأنشد:
تعود بسط الكف حتى لو انه ... ثناها لقبض لم تطعه أنامله
وكان من حق الظاهر وعلي سنن الآيات والأحاديث أن يعطف ((وأقام الصلاة وآتى الزكاة)) علي قوله: ((من آمن بالله واليوم الآخر)) لكن أقحم قوله: ((وآتى المال)) وقيد بالحب في الله، وسلك به مسلك الإيمان بالله تثبيتاً من نفسه للتصديق، كأنه قيل: من آمن بالله حقاً، وأقام الصلاة وآتى الزكاة.
الحديث التاسع عن بهيسة - بالباء الموحدة من تحت علي صيغة التصغير -: قوله: ((أن تفعل الخير)) أن مصدرية، أي فعل الخير خير لك، وتطبيقه علي السؤال ما الشيء الذي لا يحل منعه - أن يقال: هو فعل الخير الذي تدعو إليه نفسك الزكية، فإنه خير لك لا يحل لك منعه.