للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٥٣ - وعن أبي سعيد الخُدريِّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام يومًا في سبيل اللهِ بَعَّدَ اللهُ وجهَه عن النَّارِ سبعينَ خريفًا)) متفق عليه.

٢٠٥٤ - وعن عبد الله بنِ عمرِو بن العاصِ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبدَ الله؟ أَلَمْ أخبرْ أنَّكَ تصومُ النهارَ وتقومُ الليلَ؟)) فقلتُ: بلي يا رسول الله! قال: ((فلا

ــ

((مظ)): قيل: علة النهي ترك موافقة اليهود في يوم واحد من بين أيام الأسبوع، يعنى عظمت اليهود السبت، فلا تعظموا أنتم الجمعة خاصة بصيام وقيام.

وأقول: لو كانت العلة مخالفة اليهود لكان الصوم أولي؛ لأنهم يستريحون فيه ويتنعمون بالأكل والشرب، ومصداقه حديث أم سلمة في الفصل الثالت من هذا الباب، ولكن العلة ورود النص. وتخصيص كل يوم بعبادة ليس ليوم آخر، فإن الله تعالي قد استأثر الجمعة بفضائل لم يستأثر بها غيرها، فجعل الاجتماع فيه للصلاة فرضًا علي العباد في البلاد، فلم ير أن يخصه بشيء من الأعمال سوى ما خصه به، ثم خص بعض الأيام بعمل دون ما خص به غيره، ليختص كل منها بنوع من العمل، ليظهر فضيلة كل بما يختص به.

وقال الشيخ محيى الدين النواوي: في هذا الحديث نهي صريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي، وهذا متفق علي كراهته، واحتج به العلماء علي كراهة هذه الصلاة المبتدعة التي تسمى الرغائب، قاتل الله واضعها! فإنها بدعة منكرة من البدع التي هي ضلالة، وقد صنف جماعة من الأئمة مصنفات في تقبيحها وتضليل مبتدعها أكثر من أن يحصى ذكره في شرح صحيح مسلم.

الحديث السابع عشر عن أبي سعيد: قوله: ((من صام يومًا)) إلي آخره. ((مظ)) يعنى من جمع بين تحمل مشقة الصوم ومشقة الغزو يكون له هذا التشريف، وأما لو كان في السفر فإن لم يلحقه ضعف يمنعه عن الجهاد، فالصوم أفضل. ((شف)): ويحتمل أن يكون معناه من صام يومًا لله ولوجهه.

((نه)): الخريف الزمان المعروف ما بين الصيف والشتاء، ويراد به السنة؛ لأن الخريف لا يكون في السنة إلا مرة واحدة، فإذا انقضى الخريف انقضى السنة. أقول: إنما خص بالذكر دون سائر الفصول؛ لأنه زمان بلوغ الثمار، وحصاد الزرع، وحصول سعة العيش.

الحديث الثامن عشر عن عبد الله بن عمرو: قوله: ((بلي)) جواب عما يلزم من قوله: ((ألم أخبر))؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عما فعله من الصيام والقيام، كأنه قيل: ألم تصم النهار، أو لم تقم الليل؟ فقال: بلي. قوله: ((وإن لزورك)) ((نه)): الزور الزائر، وهو في الأصل مصدر وضع موضع الاسم، كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم. وقد يكون الزور جمع زائر، كراكب وركب.

<<  <  ج: ص:  >  >>