للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٨٤ - وعن ابنِ عمر، قال: إِنَّ رجالاً من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم أًروا ليلة القَدْرِ في المنامِ في السبع الأواخر، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أرَى رؤياكم، قد تواطأت في السبع الأواخرِ، فمن كان مُتحرِّيها فلْيَتَحرَّها في السبع الأواخر)) متفق عليه.

ــ

قال القاض عياض: واختلفوا في محلها، فقال جماعة: هي منتقلة، تكون في سنة في ليلة، وفي سنة أخرى في ليلة أخرى. وهذا الجمع بين الأحاديث المختلفة أوقاتها وهو قول مالك، والثورى، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وغيرهم، قالوا: إنما تنتقل في العشر الأواخر من رمضان، وقيل: إنها معينة لا تنتقل أبدًا، وقيل: هي في السنة كلها، وهو قول ابن مسعود، وأبي خيفة، وقيل: هي في شهر رمضان كله، وهو قول ابن عمر وجماعة من أصحابه، وقيل: تختص بأوتار العشر.

((تو)): إنما جاء ((القدر)) بتسكين الدال، وإن كان الشائع في القدر - الذي هو قرينة القضاء - فتح الدال؛ ليعلم أنه لم يرد به ذلك، فإن القضاء سبق الزمان، وإنما أريد به تفصيل ما قد جرى به القضاء، وتبيينه وتجديده في المدة التي بعدها إلي مثلها من القابل ليحصل ما يلقى إليهم فيها مقدارًا بمقدار.

الفصل الأول

الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((تحروا)) ((نه)): أي تعمدوا طلبها فيها، والتحرى القصد والاجتهاد في الطلب، والعزم علي تخصيص الشيء بالفعل والقول.

الحديث الثانى عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((أروا)) أصله أريوا من الرؤيا، أي خيل لهم في المنام. قوله: ((تواطت)) ((مح)): هكذا هو في النسخ بطاء ثم تاء، وهو مهموز، وكان ينبغي أن يكتب بألف بين الطاء والتاء، ولابد من قراءته مهموزًا، قال الله تعالي {ليواطئوا عدة ما حرم الله}. ((تو)): المواطأة: الموافقة، وأصله أن يطأ الرجل برجله موطئ صاحبه، وقد رواه بعضهم بالهمزة، وهو الأصل. ((والسبع الأواخر)) يحتمل أن يراد بها السبع التي تلي آخر الشهر، وأن يراد بها السبع بعد العشرين وحمله علي هذا أمثل لتناوله إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين. وقوله ((فليتحرها في السبع الأواخر)) لاينافي قوله: ((فالتمسوها في العشر الأواخر))؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحدث بميقاتها مجزومًا، فذهب كل واحد من الصحابة بما سمعه، أو رآه هو.

وقال الشافعى: والذي عندى - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب علي نحو ما يسأل عنه، يقال له تلتمسها في ليلة كذا، فيقول: التمسوها في ليلة كذا، فعلي هذا نوع اختيار كل فريق من أهل العلم، والذاهبون إلي سبع وعشرين، هم الأكثرون. ويحتمل أن فريقًا منهم علم بالتوقيف، ولم يؤذن له في الكشف عنه؛ لما كان في حكمة الله البالغة في تعميتها علي العموم؛ لئلا يتكلوا، وليزدادوا جدًا واجتهادًا في طلبها، ولهذا السر أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أنسى.

<<  <  ج: ص:  >  >>