للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ــ

والشرع. ((خط)): إن أرادت عائشة رضي الله عنها بذلك إضافة هذه الأمور إلي النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً، فهي نصوص لا يجوز خلافها، وإن أرادت به الفتيا علي ما عقلت من السنة، فقد خالفها بعض الصحابة في بعض هذه الأمور، والصحابة إذا اختلفوا في مسألة كان سبيلها النظر، علي أن أبا داود قد ذكر علي أتر هذا الحديث: أن غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه أنها قالت: ((السنة كذا)) فدل ذلك علي احتمال أن يكون ما قالته فتوى منها، وليس برواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. ويشبه أن تكون أرادت بقولها: ((لا يعود مريضًا)) أي لا يخرج من معتكفه قاصدًا عيادته، وأنه لا يضيق عليه أن يمر به فيسأله غير معرج، كما ذكرته عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي قبل هذا.

قوله: ((ولا يمس المرأة)) ((حس)): أي لا يجامعها، ولا خلاف في أنه لو جامع يبطل اعتكافه، أما لو قبل، أو باشر فيما دون الفرج فقد اختلفوا فيه، نذهب قوم إلي أنه لا يبطل وإن أنزل، كما لا يفسد به الحج، وهو أظهر قولي الشافعى، ذكر الإمام الرافعى رحمه الله في الشرح الكبير: لو لمس أي المعتكف، أو قبل بشهوة أو باشر فيما دون الفرج متعمدًا، فهل يفسد اعتكافه؟ فيه طريقان: أظهرهما: أن المسألة علي القولين، أحدهما - ويروى عن الإملاء - أنها تفسده، والثانى - ويروى عن الأم أنها لا تفسد؟ لأنها مباشرة لا تبطل الحج، فلا يبطل الاعتكاف، كالقبلة بغير شهوة. والطريق الثانى: القطع بأنها لا تفسد، حكاه الشيخ أبو محمد أو المسعودى. ثم قال الإمام: لو احتصرت الخلاف في المسألة، قلت: فيها ثلاتة أقوال، أحدها: أنه لا يفسد الاعتكاف أنزل أم لم ينزل، والثانى: تفسده أنزل أم لم ينزل، وبه قال مالك، والثالث، وبه قال أبو حنيفة، والمزنى، وأصحاب أحمد: أن ما أنزل منها أفسد الاعتكاف، وما لا فلا. والمفهوم من كلام الأصحاب بعد الفحص: أن هذا القول أرجح، وإليه ميل أبي إسحاق المروزى، وإن استبعده صاحب المهذب ومن تابعه.

أقول: أما الاستدلال بنص القرآن، فإن قوله تعالي: {لا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} نهي، عطف علي الأمر من قوله: {فالآن باشروهن} ولا يستراب أن المراد منه الجماع لما سبق من قوله: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم} ثم قوله: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم} فقوله: {لا تباشروهن} رخصة فيها بعد ما كانت منهية، فيجب الحمل علي الجماع فقط ليتجاوب النظم، فينبغى أن يحمل أظهر قولي الشافعى علي هذا.

قوله: ((لا اعتكاف إلا بصوم)) أي لا اعتكاف كاملاً، أو فاضلاً، وإلا فالاعتكاف يصح بدون الصوم كما مر. قوله: ((ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع)) ((حس)): فيه دليل أن الاعتكاف يختص

<<  <  ج: ص:  >  >>