للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٤٥ - وعن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه اَيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا تقرأان في دار ثلاث ليال فيقر بها الشيطان)). رواه الترمذى، والدرامى، وقال الترمذى: هذا حديث غريب. [٢١٤٥]

٢١٤٦ - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ ثلاث اَيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال)). رواه الترمذى، وقال: هذا حديث حسن صحيح. [٢١٤٦]

ــ

الحديث الحادى عشر والثانى عشر عن نعمان بن بشير: قوله: ((أنزل منه اَيتين)) ((تو)): في أكثر نسخ المصابيح بل سائرها إلا أصلح ((أنزل فيه اَيتين)) والرواية: ((أنزل منه)) أي أنزل من جملة الكتاب المذكور اَيتين ختم بهما سورة البقرة. فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: ((أنه كتب كتاباً قبل خلق السماوات والأرض بألفي عام)) وبين ما رواه عبدالله بن عمر ((وكتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) فالوجه فيه أن نقول: أختلاف الزمإنين في إثبات الأمرين لا يقتضى التناقض بينهما؛ لأن من الجائز أن لا يكون مظهر الكوائن في اللوح دفعة واحدة، بل يثبتها الله شيئاً فشيئاً. ويكون المراد من الكتاب في هذا الحديث نوعاً مكتوباً في اللوح من الأنواع المكتوبة فيه، فيكون أمر المقادير علي ما ذكر، وأمر النوع الذي أنزل منه اَيتين علي ما ذكرنا. وفائدة التوقيت تعريفه صلى الله عليه وسلم إيانا فضل الَايتين، فإن سبق الشيء بالذكر علي سائر أجناسه وأنواعه يدل علي فضيلة مختصة به.

فإن قيل: أو ليس الكتاب الذي كتبه في المقادير اَتيا علي ذكر من هو كائن إلي يوم القيامة من ملك وجن وإنس، فكيف يتصور معه سابقة ذكر؟ قلنا: إنما كان ذلك لبيان علم الله بالمخلوقات الي أراد خلقها ونفوذ قضائه فيها، ولم يكن هناك ملك ولا جن ولا إنس حتى يذكر منهم أحد علي وجه الشرف والفضل، فإن هذا النوع من الذكر إنما يوجد مع وجود سامع من الخلق ولم يكن هناك سامع.

أقول: لعل الخلاصة أن الكوائن كتبت في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام، ومن جملتها كتابة القراَن، ثم خلق الله خلقاً من الملائكة وغيرهم، فأظهر كتابة القراَن عليهم قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، وخص من ذلك هاتان الَايتان، وأنزلهما مختوماً بهما أولي الزهراوين، ونظير الكتابة بمعنى الإظهار علي الملائكة قراءة طه و ((يس) علي الملائكة قبل خلق السماوات والأرض بألف عام، تنبيهاً علي جلالتهما وشرفهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>