٢٢٤٧ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أسرع الدعاء إجابة دعوة غائب لغائب)) رواه الترمذي، وأبو داود.
٢٢٤٨ - وعن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن لي، وقال:((أشركنا يا أخي في دعائك ولا تنسنا)) فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. رواه أبو داود، والترمذي وانتهت روايته عن قوله:((ولا تنسنا)) [٢٢٤٨].
ــ
الحديث السادس والسابع عشر عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((أشركنا يا أخي في دعائك)) ((قض)): في هذا الالتماس إظهار الخضوع, المسكنة في مقام العبودية، وتحضيض للأمة علي الرغبة في دعاء الصالحين. وتفخيم شأن عمر، وإشادة بذكره، وإرشاد إلي ما يحمى دعاءه من الرد، ويوجب إجابته، وتعليم للأمة بأن لا يخصوا أنفسهم بالدعاء، ويشاركوا فيه أقاربهم وأحباءهم، لا سيما في مظان الإجابة. وأتى ((أخي)) بالتصغير تلطفا وتعطفا كالتصغير في يا بني. وقوله:((فقال كلمة)) يحتمل أن يكون المراد بها ما سبق، وأن يكون غيره، ولم يصرح به توقيا عن تفاخر أو نحوه، والباء في ((بها)) بدليه أي لو كانت الدنيا لي بدل تلك الكلمة لما سرني؛ لعلمي بأن تلك الكلمة خير لي من الدنيا.
أقول: الفاء في قوله: ((فقال)) عاطفة علي ((قال: أشركنا)) إما لتعقيب القول بعد القول، أو تعقيب المفسر بالمفسر، و ((كلمة)) نكرة نصب بـ ((قال)) علي معنى تكلم، فالفاء علي الأول تقتضي أن يكون القول الثاني غير الأول، وعلي الثاني هو الأول تفسيرا، وإنما نكرها تفخيما لشأنها, وعلي كلا التقديرين الكلمة يراد بها الجملة من الكلام؛ لقوله تعالي:{وجعلها كلمة باقية في عقبه} وكقولك: كلمة الحويدرة تريد قصيدته. والظاهر أن المراد بالكلمة ما سبق، وأي فضيلة لعمر رضي الله عنه أرفع وأسنى من قوله:((أشركنا)) حيث وصاه بالشركة في الدعاء، ومن أشرك غيره مع نفسه جعله مصاحبا وقينا له، ثم ترقى من كونه قرينا له إلي كونه قريبا له وبمنزلة الأخ، ثم ترقى بالتصغير إلي أن ذلك الأخ ليس كسائر الأخوة، بل كأخ شفيق متعطف، ثم توكيد الوصية بقوله:((لا تنسنا)) إظهار لغاية الاهتمام بما وصاه، وأنه مستقل به، ولا يصدر إلا عن مثله، وأن دعاءه مستجاب البتة، فينبغي أن يشركه فيه. والله أعلم.