كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: نزلت في الذهب والفضة، لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال ((أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تعينه علي إيمانه)) رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه.
الفصل الثالث
٢٢٧٨ - عن أبي سعيد، قال: خرج معاوية علي حلقة في المسجد، فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله. قال: آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا غيره. قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلي اله عليه وسلم أقل عنه حديثا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علي حلقة من أصحابه، فقال:((ما أجلسكم ها هنا؟)) قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده علي ما هدانا
ــ
تعليقًا، والضمير في ((أفضله)) راجع إلي ((المال)) علي تأويل النفع، أي لو علمنا أفضل الأشياء نفعا فنقتنيه، ولهذا السر استثنى الله تعالي)) من أتى الله بقلب سليم)) من قوله:((مال ولا بنون)) والقلب إذا سلم من آفاته شكر الله تعالي، فسرى ذلك إلي لسانه، فحمد الله وأثنى عليه، ولا يحصل ذلك إلا بفراغ القلب ومعاونة رفيق يعينه في طاعة الله تعالي.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أبي سعيد: قوله: ((الله ما أجلسكم؟)) هو بالنصب، أي أتقسمون بالله، فحذف الجار وأوصل الفعل، ثم حذف الفعل، وقولهم:((آلله ما أجلسنا غيره)) تقديره: إي أو نعم نقسم بالله ما أجلسنا غيره، فوضع الهمزة موضعها مشاكلة وتقريرا لذلك. وقوله:((وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم)) إلي آخره متصل بقوله: ((إني لم أستحلفكم)) اتصال الاستدراك بالمستدرك يدل عليه قوله: ((ولكنه أتإني)) وقوله: ((وما كان أحد بمنزلتي)) إلي آخره اعتراض وقع تأكيدا بين الاستدراك والمستدرك، وآذن به أنه لم ينسه.
فإن قلت: ما معنى الاستدراك، وانه لم يستحلفه تهمة، وإنما استحلفه لما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع، وكذا رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام؟ قلت: الجملة القسمية إنما وضعت لدفع التهمة، ورفع الإنكار البليغ، فأوجب أن تضمن التأكيد البليغ. وربما تستعمل فيما لا يكون فيه تهمة ولا إنكار، بل يجاء بها لمجرد التأكيد تقريرا له في النفوس وتثبيتا لها، كما تقول لمن بعثته إلي مهم وقد جاءك: والله لقد جئتني، أي نعم ما فعلت، تحسينا له علي