نسترقيها, ودواء نتداوى به, وتقاة نتقيها, هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: ((هي من قدر الله)) رواه أحمد والترمذي, وابن ماجه [٩٧].
ــ
قوله: ((التقاة)) أصله الوقاة, قلبت الواو تاء, أو هو اسم ما يلتجيء به الناس من خوف الأعداء. ((نه)): وقي يقي وقاية إذا حفظ, ويجوز أن يكون تقاة مصدر بمعنى الاتقاء فحينئذ الضمير في ((نتقيها)) للمصدر, أي نتقي تقاة بمعنى اتقاء وهي من قدر الله سبحانه وتعالى أي هذه الأسباب يعني: كما أن الله تعالى قدر الداء مثلا قدر زواله بالدواء. ومن تداوى ولم يبرأ فاعلم أنه لم يقدر أن يكون التداوي نافعا في ذلك الداء – وإن اجتمع عليه الأطباء – ((تو)): كأن السائل عرف أنه من حق الإيمان أن يعتقد أن المقدور كائن لا محالة ووجد الشرع يرخص في الاسترقاء, ويأمر بالتداوي, والاتقاء عن مواطن المهلكات, فأشكل عليه الأمر, كما أشكل على الصحابة حين أخبروا أن الكتاب يسبق على الرجل, فقالوا: ((ففيم العمل؟)) فبين عليه الصلاة والسلام بقوله: ((هي من قدر الله)).
((نه)): وقد جاء في بعض الآحاديث جواز الرقية كقوله صلى الله عليه وسلم: ((استرقوا لها؛ فإن بها النظرة)) أي اطلبوا لها من يرقيها, وفي بعضها النهي عنها, كقوله عليه الصلاة والسلام في باب التوكل: ((الذين لا يسترقون, ولا يكتوون)) والأحاديث في القسمين كثيرة. ووجه الجمع بينهما أن الرقية يكره منها: ما كان بغير أسماء الله, وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة, أو بغير اللسان العربي, وما يعتقد منها أنها نافعة لا محالة, فيتكل عليها, وإياها أراد عليه السلام بقوله: ((ما توكل من استرقى)) , ولا يكره منها ما كان على خلاف ذلك, كالتعوذ بالقرآن, وأسماء الله تعالى, والرقية المروية؛ ولذلك قال عليه السلام للذين رقى بالقرآن, وأذخ عليه أجرا: ((من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق)) وقال في الآخر: ((خذوه, واضربوا لي بسهم)). وأما قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا رقية إلا من عين, أو حمة)) فمعناه: لا رقية أولى وأنفع, وهذا كما قيل: لا فتى إلا علي, وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام غير واحد من الصحابة بالرقية, وسمع عليه الصلاة والسلام جماعة يرقون ولم ينكر عليهم. وفي اسم الراوي أبي خزامة خلاف للمحدثين.