٢٦٥٩ - عن أبي بكرة [رضي الله عنه] قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، قال:((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)). وقال:((أي شهر هذا؟)) قلنا: الله ورسوله أعلم.
ــ
فلما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
الحديث الأول عن أبي بكرة: قوله: ((خطبنا)) ((غب)): الخطب والمخاطبة والتخاطب، المراجعة في الكلام، ومنه الخطبة والخطبة، لكن الخطبة مختصة بالموعظة، والخطبة بطلب المرأة. ((تو)): والزمان اسم لقليل الوقت وكثيره، وأراد به هاهنا السنة- انتهي كلامه. وذلك أن قوله:((السنة اثنا عشر شهرا ً)) إلي آخرة جملة مستأنفة مبينة للجملة الأولي، فالمعنى: أن الزمان في انقسامه إلي الأعوام، والأعوام إلي الأشعر عاد إلي أصل الحساب والوضع. الذي اختاره الله ووضعه يوم خلق السموات والأرض. والهيئة صورة الشيء وشكله وحالته، والكاف صفة مصدر محذوف، أي استدار استدارة مثل حالته يوم خلق الله. ((نه)): يقال: دار يدور واستدار يستدير، بمعنى إذا طاف حول الشيء، وإذا عاد إلي الموضع الذي ابتدأ منه. ومعنى الحديث أن العرب كانوا يؤخرون المحرم إلي صفر، وهو النسيء المذكور في القرآن في قوله تعالي:} إنما النسيء زيادة في الكفر {ليقاتلوا فيه، ويفعلون ذلك كل سنة بعد سنة، فينتقل المحرم من شهر إلي شهر حتى جعلوه في جميع شهور السنة، فلما كانت تلك السنة قد عاد إلي زمنه المخصوص به قبل، ودارت السنة كهيئتها الأولي. ((حس)): قال بعضهم: إنما أخر النبي صلى الله عليه وسلم الحج مع الإمكان ليوافق أهل الحساب، فحج معه حجة الوداع. قوله:((ثلاث متواليات)) إنما حذف التاء من العدد باعتبار أن الشهر الذي هو واحد الأشهر بمعنى الليالي، فاعتبر لذلك تإنيثه. قوله:((ووجب مضر)) عطف علي قوله ((ثلاث)) ((حس)): إنما أضافه إلي مضر؛ لأنها كانت تحافظ علي تحريمه أسد من محافظة سائر العرب، ولم يكن يستحله أحد من العرب. وقوله:((الذي بين جمادى وشعبان)) ذكره تأكيداً وإزاحة للريب الحادث فيه من النسيء، وهذا معنى كلام الخطابي.
قوله:((أي شهر هذا)) ((قض)): يريد به تذكارهم حرمة الشهر وتقريرها في نفوسهم ليبنى