للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يقبل منه صرف ولا عدل، ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرفٌ ولا عدلٌ، ومن والي قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل)). متفق عليه.

وفي رواية لهما: همن ادعى إلي غير أبيه، أو تولي غير مواليه؛ فعلمه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل)).

ــ

قول: ((ذمة المسلمين)) ((قض)): الذمة العهد، سمي بها؛ لأنها تذم متعاطيها علي إضاعتها، ((يسعى بها)) يتولاها ويذهب بها، والمعنى أن ذمة المسلمين واحدة، سواء صدرت من واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمن أحد من المسلمين كافرًا وأعطاه ذمته، لم يكن لأحد نقضه. ((لا يقبل منه صرف ولا عدل)) أي شفاعة ولا فدية؛ لأنها تعادل المفدي. وقيل: توبة ولا فدية، وقيل: فريضة ولا نافلة.

وقوله: ((من والي قومًا بغير إذن مواليه)) قيل: أراد به ولاء الموالاة لا ولاء العتق، والظاهر أنه أراد به ولاء العتق؛ لعطفه علي قوله: ((من ادعى إلي غير أبيه)) والجمع بينهما بالوعيد في الرواية الأخرى، فإن العتق من حيث إن له لحمة كلحمة النسب، فإذا نسب إلي غير من هو له، كان كالدعي الذي تبرأ عمن هو منه، وألحق نفسه بغيره، فيستحق به الدعاء عليه بالطرد والإبعاد عن الرحمة. وقوله: ((بغير إذن مواليه)) ليس لتقييد الحكم بعدم الإذن وقصره عليه، وإنما هو للتنبيه علي ما هو المانع، وهو إبطال حق مواليه والإهانة بهم، وإيراد الكلام علي ما هو الغالب.

((حس)): إذا أعطى واحد من المسلمين أمان أهل الحرب، فإن أمانه ماضٍ، وإن كان المجير عبدًا أو امرأة، وهو أدناهم وأقلهم، وإن لم يكن العبد مأذونًا من القتال ولم يجوز أبو حنيفة. وإنما يصح الأمان من آحاد المسلمين إذا أمن واحدًا أو اثنين، فأما عقد الأمان لأهل ناحية فلا يصح إلا من الإمام.

قوله: ((فمن أخفر)) ((نه)): خفرت الرجل أجرته وحفظته، وخفرته إذا كنت له خفيرًا، أي حاميًا وكفيلًا، وتخفرت به إذا استجرت به، والخفارة بالكسر والضم الذمام، وأخفرت الرجل إذا انقضت عهد وذمامه، والهمزة فيه للإزالة، أي أزلت خفارته، كأشكيته إذا أزلت شكواه. والدعوة في النسب بالكسر، هو أن ينتسب الإنسان إلي غير أبيه وعشيرته، وقد كانوا يفعلونه

<<  <  ج: ص:  >  >>