٢٧٣٠ - وعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لايصبر علي لأواء المدينة وشدتها أحدٌ من أمتي إلا كنت له شفيعًا يوم القيامة)) رواه مسلم.
٢٧٣١ - وعنه، قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمرة جاءوا به إلي النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه قال: ((اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه)). ثم قال: يدعو
أصغر وليدٍ له، فيعطيه ذلك الثمر. رواه مسلم.
ــ
عياض: وهذه خصوصية زائدة علي الشفاعة للمذنبين، وللعاملين في القيامة، وعلي شهادته علي جميع الأمة. وقد قال صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد:((أنا شهيد علي هؤلاء)) فيكون تخصيصهم بذلك مزية ورفعة منزلة وحظوة.
قوله:((إلا أبدل الله)) ((مح)): قال القاضي: اختلفوا في هذا فقيل: هو مختص بمدة حياته صلى الله عليه وسلم، وقال آخرون: هو عام أبدًا. واللاواء بالمد الشدة والجوع. والجهد - بالفتح - المشقة، و- بالضم- الوسع والطاقة.
الحديث الثالث والرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((جاءوا به إلي النبي صلى الله عليه وسلم)) ((تو)): إنما كانوا يؤثرونه بذلك علي أنفسهم حبًا له وكرامة لوجهه المكرم؛ وطلبًا للبركة فيما جدد الله عليهم من نعمة، ويرونه أولي الناس بما سيق إليهم من رزق ربهم. وأما إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أصغر وليد يراه، فإنه من تمام المناسبة الواقعة بين الولدان وبين الباكورة، وذلك حدتان عهدهما بالإبداع، فخص به أصغر وليد يراه. أقول: قول الشيخ: أصغر وليد يراه، يؤذن بأن الوليد مطلق، وعليه الرواية الأخرى لمسلم، ((ثم يعطيه أصغر من يحضر من الولدان)) وهذه الرواية وهي قوله: ((ثم يدعو أصغر وليد له)) صريحة بأنه مقيد بأن الوليد له. فإما أن يتأول هذه الرواية وهو الأنسب، أو يحمل المطلق علي المقيد. ((مح)): في إعطائه الوليد الثمر، بيان مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وكمال الشفقة والرحمة وملاطفة الكبار والصغار. وخص به الصغير؛ لكونه أرغب وأكتر تطلعًا إليه وحرصًا عليه. ((شف)): وفي ايثاره علي الغير قمع الشره الموجب لتناوله، وكسر الشهوة المقتضية لذوقه، ومن أن النفوس الزكية لا تركن إلي تناول شيء من أنواع الباكورة، إلا بعد ما عم وجوده، فيقدر كل علي أكله.
وإنما لم يذكر الخلة لنفسه - مع أنه أيضًا خليل الله تعالي، علي ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم في باب مناقب أبي بكر رضي الله عنه:((وقد اتخذ الله صاحبكم خليلًا)) - رعاية للأدب في ترك