٢٨٨٤ - وعن عائشة، قالت: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي إلي أجل، ورهنه درعا له من حديد. متفق عليه.
٢٨٨٥ - وعنها، قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير. رواه البخاري.
٢٨٨٦ - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا، ولبن الذر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا، وعلي الذي يركب ويشرب النفقة)). رواه البخاري.
ــ
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ورهنه درعا)) ((حس)): فيه دليل علي جواز الشرى بالنسيئة، وعلي جواز الرهن بالديون، وعلي جواز الرهن في الحضر، وإن كان الكتاب قيده بالسفر، وعلي جواز المعاملة مع أهل الذمة، وإن كان مالهم لا يخلو من الربا وثمن الخمر. ((مح)): فيه بيان ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا وملازمة الفقر، وفيه جواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة، والحكم بثبوت أملاكهم علي ما في أيديهم، وأن قوله تعالي:{وإن كنتم علي سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة} مبين بهذا الحديث، وأن دليل خطابه متروك به. وأما معاملته مع اليهودي ورهنه عنده دون الصحابة، فقيل: فعله بيانا لجواز ذلك، وقيل: لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه إلا عنده، وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه، ولا يتقاضونه الثمن، فعدل إلي اليهودي لئلا يضيق علي أصحابه، وقد أجمع المسلمون علي جواز معاملة أهل الذمة، والكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معهم، لكن لا يجوز للمسلم بيع السلاح وما يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع المصحف، ولا عبد مسلم لكافر مطلقا.
الحديث الثالث والرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الظهر يركب)) ((قض)): ((الظهر)) يريد به ظهر الدابة، وقيل:((الظهر)) الإبل القوي، يستوي فيه الواحد والجمع، ولعله سمى بذلك؛ لأنه يقصد لركوب الظهر. وظاهر الحديث أن المرهون لا يهمل ومنافعه لا تعطل، بل ينبغي أن ينتفع به وينفق عليه، وليس فيه دلالة علي أن من له غنمه عليه غرمه، واختلفوا في ذلك، فذهب الأكثرون إلي أن منفعة الرهن للراهن مطلقا ونفقته عليه؛ ولأنه روى ابن المسيب عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال:((لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه)) وقال أحمد وإسحاق: للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما، يقدر بقدر النفقة، واحتجا بهذا الحديث.