للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩٤٠ - وعن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم،

ــ

وفتحها- كالغرفة يوضع فيها المتاع. أقول: بولغ في الممثل به مبالغات حيث جعل الحرز غرفة ليصعب الصعود إليها، وجعل فيها خزانة مستوثقة بالأقفال، فلا يظفر بما فيها إلا بالكسر تصويراً لحالة المشبه في الاشتياق. و ((إنما)) عطف علي مقدر وتقدير الكلام: أيحب أحدكم كذا؟ يقال: لا. ثم يجاب فإذن لا تفعلوا. وإنما يخزن لهم ضروع مواشيهم. قوله: ((فينتقل)) وفي شرح السنة والنهاية ((فينثل)) - بالياء المنقوطة تحتها نقطتان والنون والثاء المثلثة-، أي يستخرج ويؤخذ.

((حس)): العمل علي هذا عند أكثر أهل العلم أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه، إلا إذا اضطر في مخمصة ويضمن. وقيل: لا ضمان عليه؛ لأن الشرع أباحه له، وذهب أحمد وإسحاق وغيرهما إلي إباحته لغير المضطر، إذا لم يكن المالك حاضراً؛ فإن أبا بكر رضي الله عنه حلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبناً من غنم رجل من قريش، يرعاها عبد له وصاحبها غائب في هجرته إلي المدينة؛ ولما روى الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أتى أحدكم علي ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثاً، فإن أجابه أحد فليستأذنه، وإن لم يجب أحد فليحلب وليشرب ولا يحمل)). وقد رخص بعضهم لابن السبيل في أكل ثمار الغير؛ لما روي عن ابن عمر بإسناد غريب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من دخل حائطاً فليأكل غير متخذ خينة فلا شيء عليه)). وعند أكثرهم لا يباح إلا بإذن المالك إلا لضرورة مجاعة كما سبق.

((تو)): وحمل بعضهم هذه الأحاديث علي المجاعة والضرورة؛ لأنها لا تقاوم النصوص التي وردت في تحريم مال المسلمين. ((مح)): غير المضطر إذا كان له إدلال علي صاحب الطعام بحيث يعلم أو يظن أن نفسه تطيب بأكله منه بغير إذنه فله الأكل. والمضطر إن وجد ميتة وطعاماً لغيره فيه خلاف، والأصح عندنا أنه يأكل الميتة.

الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((بعض نسائه)) ((تو)): قد تبين لنا من غير هذا الطريق أن التي ضربت يد الخادم هي عائشة- رضي الله عنها- انتهي كلامه. وقيل: صاحبة القصعة زينب بنت جحش، وقيل: أم سلمة، وقيل: صفية.

أقول: إنما أبهم في قوله: ((عند بعض نسائه)) وأراد بها عائشة رضي الله عنها تفخيماً لشأنها،

وأنه مما لا يخفي ولا يلتبس أنها هي؛ لأن الهدايا إنما تهدى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في

بيت عائشة. وإنما وصفت المرسلة بأم المؤمنين إيذاناَ بشفقتها وكسرها وغيرتها وهواها،

حيث أهدت إلي بيت ضرتها بالقصعة. والخطاب بقوله: ((غارت أمكم)) عام لكل من سمع بهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>