للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)). قالوا: يارسول الله، وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت)) متفق عليه.

٣١٢٧ - وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها إذنها صماتها)).وفي رواية: قال: ((الثيب أحق بنفسها من

ــ

شبهة أو فاسد أو بوثب أو بإصبع أو غير ذلك؛ لأنها جعلت مقابلة للبكر، ويقال الرجل أيضا: الأيم. قوله: ((حتى تستأمر)) ((قض)): الاستئمار طلب الأمر والاستئذان الإعلام، وقيل: طلب الأذن، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإذنها الصموت)) وقيل: المراد بالاستئمار المشاورة، وذلك بأن الاستئذان أبلغ من المشاورة، فلو حمل الاستئمار عليها ينعكس الأمر، وليس كذلك؛ فإن المشاورة تستدعي أن يكون للمستشار رأي ومقال فيما يشاور فيه ولا كذلك الاستئذان. وظاهر الحديث يدل علي أنه ليس للولي أن يزوج موليته من غير استئذان ومراجعة ووقوف واطلاع علي أنها راضية بصريح إذن أو سكوت من البكر؛ لأن الغالب من حالها أن لا تظهر إرادة النكاح حياء.

وللعلماء في هذا المقام تفصيل واختلاف، وقد ذهبوا جميعا إلي أنه لا يجوز تزويج الثيب البالغة العاقلة دون إذنها، ويجوز للأب والجد تزويج البكر الصغيرة، وخصوص هذا الحديث فيه بما صح أن أبا بكر رضي الله عنه زوج عائشة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن بعد بالغة. واختلفوا في غيرهما، فمنع الشافعي تزويج الثيب الصغيرة مطلقا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر باستئمار الثيب مطلقا، ولا معنى لاستئمارها قبل البلوغ؛ إذ لا عبرة بقولها، وتزويج البكر الصغيرة لغير الأب والجد والبالغة لغيرهما من غير إذنه؛ لعموم قوله: ((البكر تستأذن)) وجوز لهما تزويج البكر البالغة بغير إذن كما يجوز لهما تزويجها صغيرة. وخصص قوله: ((ولا تنكح البكر حتى تستأذن)) بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((الثيب أحق بنفسها من وليها)) وقوله فيما روى [عنه أبو] * هريرة: ((اليتيمة تستأمر في نفسها)) فإن معناه: لا تنكح اليتيمة حتى تبلغ فتستأمر. والمراد باليتيمة التي تكون قريبة العهد بالبلوغ. وأبو حنيفة ذهب إلي خلاف ذلك كله. واختلف أيضا في أن السكوت من البكر يقوم مقام الإذن في حق جميع الأولياء، أو حق الأب والجد دون غيرهما، وإلي الأول ذهب الأكثر لظاهر الحديث.

الحديث الثاني عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله ((الأيم أحق بنفسها)) ((مح)): قال الكوفيون وزفر: ((الأيم)) هنا كل امرأة لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا، كما هو مقتضاه في اللغة، فكل امرأة بلغت فهي أحق بنفسها من وليها، وعقدها علي نفسها بالنكاح صحيح. وبه قال الشعبي والزهري. ((شف)): قالوا: ليس الولي من أركان صحة النكاح بل من تمامه. وقوله: ((أحق بنفسها)) يحتمل أن يراد به من وليها في كل سيء من العقد وغيره كما قال أبو حنيفة

<<  <  ج: ص:  >  >>