صلى الله عليه وسلم:((فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها)) والمكاتبة نادرة بالنسبة إلي جنس النساء، فلا يصح قصر العام عليها.
وقوم أولو قوله:((باطل)) بأنه علي صدد البطلان، ومصيره إليه بتقدير اعتراض الأولياء عليها إذا زوجت نفسها من غير كفء، وذلك مع ما فيه من إبطال قصر التعميم مزيف من وجوه أخر: أحدهما: أنه لا يناسب هذا التأكيد والمبالغة. وثإنيهما: أن المتعارف المنقول في تسمية الشيء باسم ما يئول إليه [تسمية ما يكون المآل إليه] * قطعا، كما في قوله تعالي:{إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُم مَّيِّتُونَ} أو غالبا كما في قوله تعالي: {إني أَرَإني أَعْصِرُ خَمْرًا}. وثالثهما: أنه لو كان كذلك لا يستحق المهر بالعقد إلا بالوطء؛ ولذلك قالوا: يتقرر المسمى بالوطء ويتعلق بالطلاق قبل الوطء، وقد علق رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستحقاق علي الوطء، وجعل الاستحلال علة لثبوته، وذلك يدل علي أن وطء الشبهة يوجب مهر المثل، ولم أجد أحدا غيرهم من أهل العلم رخص للمرأة تزويج نفسها مطلقا، وجوز مالك للدنيئة دون الشريفة، وقال أبو ثور: إن زوجت نفسها بإذن الولي صح، وإن زوجت بغير إذنه لم يصح؛ لتخصيص الحكم بالتزويج بغير إذن، وهو ضعيف؛ لاتفاق القائلين بالمفهوم كقوله تعالي:((وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن)) وقوله تعالي: ((فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به)) إذ الظاهر أن الموجب لتخصيص محل النطق في ذلك كونه غالبا، فلا يدل علي قصر الحكم عليه.
وقوله:((فإن اشتجروا)) أي اختلفوا وتنازعوا، ومنه قوله تعالي:((فيما شجر بينهم)) أي فيما وقع خلافا بينهم يريد به مشاجرة العضل؛ ولذلك فوض الأمر إلي السلطان وجعلهم كالمعدومين، وهو مما يؤيد منع المرأة عن مباشرة العقد؛ إذا لو صلحت عبارتها للعقد لأطلق لها ذلك عند عضل الأولياء واختلافهم، ولما فوض إلي السلطان. هذا تلخيص ما شرح السنة.
أقول:((أيما)) من المعممات التي يستغنى بها إما عن تفصيل غير حاصر أو تطويل غير ممل. فقوله:((أيما امرأة)) تشمل الثيب والبكر والأمة والمجنونة والمكاتبة والصغيرة، فالقول بأن الثيب خارجة من الحكم يفتقر إلي دليل، وكذا قوله:((لا نكاح إلا بولي)) ((لا)) نفي جنس النكاح وحصره إلا علي الولي، فهو من قصر الإفراد، يرد زعم من يذهب إلي أن النكاح يصح بولي وبغير ولي، فقطع الشركة وفصر الحكم علي الولي؛ فالحديثان دالان علي أن للولي مدخلا في النكاح البتة ولا يصح بدونه، لكنهما مجملان مبهمان في أن الولي هل هو مستقل أم لا، واستقلاله في بعض الصور أو كلها؟ وحديث أبي هريرة وابن عباس مع الروايات السابقة في بعضها؛ فإن أفعل التفضيل تدل علي أن له مدخلا وليس بمستقبل، وكذلك الاستثمار. ومن