٣٢٧٥ - وعن عبد الله بن عمر: أنه طلق امرأة له وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:(ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)). وفي رواية:((مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً)). متفق عليه.
ــ
وقوله لثابت:((أقبل الحديقة وطلقها تطليقة)) أمر استصلاح وإرشاد إلي ما هو الأصوب لا إيجاب وإلزام بالطلاق. وفيه دليل علي أن الأولي للمطلق أن يقتصر علي طلقة واحدة؛ ليتأتى له العود إليها إن اتفق بداء. ((مظ))؛: اختلف في أنه لو قال: خالعتك علي كذا، فقالت: قبلت وحصلت الفرقة بينهما، هل هو طلاق أم فسخ؟ فمذهب أبي حنيفة ومالك وأصح قولي الشافعي: أنه طلاق بائن، كما لو قال: طلقتك. ومذهب أحمد وأحد قولي الشافعي أنه فسخ.
الحديث الثاني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((إنه طلق امرأة له)) الحديث. ((قض)): لهذا الحديث فوائد: منها: حرمة الطلاق في الحيض لتغيظه صلى الله عليه وسلم فيه، وهو لا يتغيظ إلا في حرام. ومنها: التنبيه علي أن علة الحرمة تطويل العدة عليها؛ فإنه طلقها في زمان لا يحسب من عدتها، وأن عدتها بالأطهار دون الحيض. والمراد بقوله تعالي:{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ثلاثة أطهار؛ لقوله:((فليطلقها طاهراً)) إلي آخره. ومنها: أن تداركه بالمراجعة إذ التطويل يزول بها. ومنها: أن المراجع ينبغي أن لا يكون قصده بالمراجعة تطليقها؛ لأنه أمر بإمساكها في الطهر الثاني برأي مستأنف وقصد مجدد يبدو له بعد أن تطهر ثإنياً. ومنها: الدلالة بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها)) أن الطلاق لا يحل أيضاً في طهر جامعها فيه؛ لأن الأمر المقيد بالمنطوق أمر إباحة، فيكون الثابت في المسكوت عنه نفيها؛ وإلا لم يفد التخصيص.
قوله:((فتلك العدة التي أمر الله)) ((مح)): فيه دليل لمذهب الشافعي ومالك وموافقيهما، أن الأقراء في العدة هي الأطهار؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال:((فليطلقها في الطهر إن شاء، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها)) أي فيها، ومعلوم أن الله تعالي لم يأمر بطلاقهن في الحيض بل حرمه، والمشار إليه بقوله:((فتلك)) الحالة المذكورة، وهي حالة الطهر والعدة. قال أصحابنا: يحرم الطلاق في طهر جامعها فيه حتى يتبين حملها لئلا يندم، ولو كانت الحائض حاملا فالصحيح عندنا أنه لا يحرم طلاقها؛ لأن تحريم الطلاق في الحيض إنما كان لتطويل العدة؛ لكونه لا يحسب قرءاً. فأما الحامل الحائض فعدتها بوضع الحمل، فلا يحصل في حقها تطويل. وفي