فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قد أنزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها)). قال سهل: فتلاعنا في المسجد، وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرعا، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((انظروا فإن جاءت به أسحم، أدعج العينين، عظيم الأليتين، خدلج الساقين، فلا أحسب عويمرا إلا قد صدق عليها، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أحسب عويمرا إلا قد كذب عليها. فجاءت به علي النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر، فكان بعد ينسب إلي أمه. متفق عليه.
ــ
الفصل الأول
الحديث الأول عن سهل: قوله: ((أم كيف يفعل؟)) ((أم)) يحتمل أن تكون متصلة، يعني إذا رأي الرجل هذا المنكر والأمر الفظيع وثارت عليه الحمية، أيقتله فيقتلونه؟ أم يصبر علي ذلك الشنآن والعار؟ وأن تكون منقطعة، فسأل أولا عن القتل مع القصاص ثم أضرب عنه إلي سؤاله؛ لأن ((أم)) المنقطعة متضمنة لـ ((بل)) والهمزة، فـ ((بل)) يضرب الكلام السابق، والهمزة تستأنف كلاما آخر. المعنى كيف يفعل أيصبر علي العار أو يحدث الله له أمرا آخر؟ فقوله:((قد أنزل فيل وفي صاحبتك)) مطابق لهذا المقدر، فالوجه أن تكون ((أم)) منقطعة، والمنزل قوله تعالي {والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلَاّ أَنفُسُهُمْ} إلي آخر الآيات.
((مح)): اختلفوا فيمن قتل رجلا وزعم أنه زنى بامرأته، فقال [جمهورهم] *: يقتل إلا أن تقوم بذلك بينة أو يعترف له ورثة القتيل، ويكون القتيل محصنا، والبينة أربعة من العدول من الرجال يشهدون علي يقين الزنا. أما فيما بينه وبين الله تعالي فإن كان صادقا فلا شيء عليه. وقال بعض أصحابنا: يجب علي كل من قتل زإنيا محصنا القصاص، ما لم يأمر السلطان بقتله. والصواب الأول. واختلفوا في الفرقة باللعان، فقال مالك والشافعي: تحصل الفرقة بلعان الزوج وحده، وقال أبو حنيفة: لا تحصل الفرقة إلا بقضاء القاضي بها بعد التلاعن؛ لقوله:((ثم فرق بينهما)). واحتج الجمهور أنه لا يفتقر إلي قضاء القاضي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:((لا سبيل لك عليها)).
قوله:((كذبت عليها إن أمسكتها)) كلام مستقل. وقوله:((فطلقها ثلاثا)) كلام مبتدأ منقطع عما قبله تصديقا لقوله في أنه لا يمسكها، وإنما طلقها لأنه ظن أن اللعان لا يحرمها عليه، فأراد