((استغفروا لأخيكم، ثم سلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل)) رواه أبو داود [١٣٣].
١٣٤ - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً، تنهسه وتلدغه حتى تقوم الساعة، لو أن تنيناً منها نفخ في الأرض
ــ
النكرات. ((سلوا له بالتثبيت)) اطلبوا من الله أن يثبته على جواب الملكين بالقول الثابت، وضمن ((سلوا)) معنى الدعاء، كما قال الله تعالى:{سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ} أي ادعوا له بدعاء التثبيت، أي قولوا: ثبته الله تعالى بالقول الثابت.
((خط)): في هذا الحديث دليل على أن الدعاء نافع للميت، وليس فيه دلالة على التلقين عند الدفن كما هو العادة، ولا نجد فيه أيضاً حديثاً مشهوراً، ولا بأس به؛ لأنه ليس فيه إلا ذكر الله تعالى، وعرض الاعتقاد على الميت، والحاضرين، والدعاء له وللمسلمين، والإرغام لمنكري الحشر، وكل ذلك حسن.
((مح)): اتفق كثير من أصحابنا على استحباب التلقين، منهم القاضي حسين نص في تعليقه ونقله عن الأصحاب، وصاحبه أبو سعيد المتولي في التتمة، والشيخ أبو الفتح نصر المقدرسي، والإمام الرافعي وغيرهم، قال النصر في (كتاب التهذيب): إذا دفن الميت يقف رأس القبر ويقول: يا فلان بن فلان! اذكر العهد الذي خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، قل: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبالكعبة قبلة، وبالقرآن إماماً، والمسلمين إخواناً، ربي الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم. وروى الخراسانيون فيه حديثاً عن أبي أمامة ليس بالقائم إسناده، ولكن اعتضد بشواهد، منها الحديث المذكور، وأهل الشام يعملون به قديماً، وقال: لا يلقن الصغير إلى أن يبلغ الحنث، وذكر في الأذكار عن الشافعي وأصحابه: أنه يستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، قالوا: وإن ختموا القرآن كله كان حسناً، وفي سنن البيهقي أن ابن عمر استحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها.
الحديث الخامس عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((تنيناً ينهسه)) التنين نوع من الحيات كثير السم كبير الجثة. النهس واللدغ هنا بمعنى كرر للتأكيد أو لبيان أنواع العذاب. ((تو)): الوقوف على تخصيص فائدة العدد إنما يحصل بطريق الوحي، ويتلقن من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم إنا نجد فيه وجهاً من طريق الاحتمال. روينا أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن، والإنس، والبهائم، والهوام، فبها