٣٤٣٧ - وعن ثابت بن الضحاك، قال: نذر رجل علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالوا: لا [قال]. ((فهل كان فيه عيد من أعيادهم؟)) قالوا: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)). رواه أبو داود. [٣٤٣٧]
٣٤٣٨ - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده [رضي الله عنه] أن امرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت أن أضرب علي رأسك بالدف. قال:((أوفي بنذرك)). رواه أبو داود، وزاد رزين: قالت: ونذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا، مكان يذبح فيه أهل الجاهلية، فقال:((هل كان بذلك المكان وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالت: لا. قال:((هل كان فيه عيد من أعيادهم؟)) قالت: لا. قال:((أوف بنذرك)). [٣٤٣٨]
ــ
من فقهاء أصحاب الحديث علي جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير بين الوفاء بما التزمه وبين كفارة يمين. أقول: قوله: ((ومن نذر نذراً أطاقه فليف به)) يقوي مذهب الأصحاب.
الحديث الثالث عن ثابت بن الضحاك: قوله: ((ببوانة)) ((حس)): هي أسفل مكة دون يلملم. الجوهري: بوانة بالضم اسم موضع. وقال وضاح اليمين:
أيا نخلتي وادي بوانة حبذا إذا نام حراس النخيل جناكما
وربما تحذف الهاء، قال الشاعر:
ماذا تذكرت من الاطمان طوالعاً من نحو ذي بوان
وأما الذي ببلاد فارس فهو شعب بوان بالفتح والتشديد. وفيه أن من نذر أن يضحي في مكان أو يتصدق علي أهل بلد صح نذره ولزمه ذلك.
الحديث الرابع عن عمرو: قوله: ((أن أضرب علي رأسك الدف)) ((خط)): ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذر، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قدم من بعض غزواته وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب، لهذا استحب ضرب الدف في النكاح؛ لما فيه من إظهاره والخروج من معنى السفاح الذي لا يظهر. ومما يشبه هذا المعنى قوله النبي صلى الله عليه وسلم في هجاء الكفار:((اهجوا قريشاً فإنه أشد عليها من رشق النبل)).