عن الساعة. قال: (ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل). قال: ........
ــ
استبان الصبح أدرج ضوءه بإسفاره أنوار ضوء الكواكب فقوله: فإن لم تكن تراه تنزل من مقام
المكاشفة إلى مقام المراقبة، فينبغى أن يقدر: فاعلم قولى: إنه يراك.
قال الشيخ العارف أبو إسماعيل الأنصاري: الإحسان اسم جامع لجميع أبواب الحقائق،
وبهو ثلاث درجات: الدرجة الأولى: الإحسان في القصد بتهذيبه علما، وإبرامه عزما، وتصفيته
حالا. الدرجة الثانية: الإحسان في الأحوال: وهو أن يراعيها غيره، ويسترها تطرقا، ويصححها
تحقيقا، الدرجة الثالثة: الإحسان في المواقف، وهوأن لا تزايل المشاهدة أبداً، ولا تلحظ بهمتك
أملا، وتجعل هجرتك إلى الحق سرمداً. فإن قلت: قد جعل الشيخ درجات الإحسان ثلاثا،
وليس في الحالات التي قسمتها ما يدخل في معني الإحسان إلااثنين. قلت: تشبيه الثانية
بالثالثة يوجب حالة أخرى متوسطة بين الإخلاص في القصد الذي هو شريطة فيه، وبين
المشاهدة التي هي غايتها، وتلك المتوسطة هي الدرجة الثانية في قول الشيخ، لأنها نتيجة
الإخلاص في العمل، ومحصلة للحالة الثالثة، أعنى المشاهدة، والله أعلم.
قوله: (فأخبرني عن الساعة) الساعة القيامة. (قال) الكشاف: سميت ساعة لوقوعها بغتة، أو
لسرعة حسابها، أو على العكس لطولها، أو لأنها عند الله على طولها كساعة من الساعات عند
الخلق. عني بالعكس أنها سميت بها بناء على عكس ما هي عليه من الطول تلميحاً، كما سمى
المهلكة مفازة والأسود كافوراً.
قوله: (ما المسئول عنها) (قال) المظهر: (ما) نافية، يعنى لست أنا أعلم منك ياجبريل
بعلم القيامة. أقول: أراد المظهر أن أصل الكلام هكذا، فعدل عنه إلى ما عليه، وذلك أن
الأجوبة الثلاثة على خطاب جبرئيل (عليه السلام) كانت (تعريضا) للسامعين على طريقة
الخطاب العام، نحو قوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك) ولو أجري على ذلك
الأسلوب لقيل: لست بأعلم منك. ولم يفد فائدة العموم؛ لأن المعني كل مسئول عنه
وسائل، أيا ما كان فهو داخل في هذا العموم. فإن قلت: من حق الظاهر أن يقال: ما
المسئول عنه ليرجع الضمير إلى اللام. قلت: كما يقال: سألت عن زيد المسئلة، يقال: سألته
عن المسئلة، فالضمير المرفوع راجع إلى اللام، والمجرور إلى الساعة.
ــ