للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شماله، ولم يعط من وراءه شيئاً. فقام رجل من ورائه فقال: يا محمد! ما عدلت في القسمة. رجل أسود مطموم الشعر، عليه ثوبان أبيضان، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً وقال: ((والله لا تجدون بعدي رجلاً هو أعدل مني)) ثم قال: ((يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون، حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فإذا لقيتموهم، هم شر الخلق والخليقة)). رواه النسائي. [٣٥٥٣]

٣٥٥٤ - وعن أبي غالب، رأي أبو أمامة رءوساً منصوبةً علي درج دمشق، فقال أبو أمامة: ((كلاب النار، شر قتلي تحت أديم السماء، خير قتلي من قتلوه)) ثم قرأ {يَوْمَ تَبْيَضُّ وجُوهٌ وتَسْوَدُّ وجُوهٌ} الآية. قيل لأبي أمامة: أنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً حتى عد سبعاً ما حدثتكموه. رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن. [٣٥٥٤]

ــ

وربما اختصر الكلام فقالوا: ليس بعده، ثم أدخل عليه ((لا)) النافية للجنس، واستعملوه استعمال الاسم المتمكن انتهي كلامه. وقوله: ((كأن هذا منهم)) أي من شيعتهم ومقتفي سيرتهم، كقوله تعالي: {الْمُنَافِقُونَ والْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ}.

وقوله: ((هم شر الخلق)) جزاء للشرط، وإنما لم يؤت بالفاء؛ لأن الشرط ماض، كذا قال أبو البقاء في قوله تعالي: {وإنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ومع هذا لابد من التأويل، أي فإذا لقيتموهم فاعلموا أنهم شرار خلق الله تعالي فاقتلوهم، كما قال: ((طوبى لمن قتلهم وقتلوه)). ووجه آخر أن يكون الجزاء محذوفاً والجملة بعده استئنافية لبيان الموجب، وعطف قوله: ((الخليقة)) علي ((الخلق)) ولابد من المغايرة فلا يحمل الشر علي التفضيل مبالغة، أي هم شر سجية وشر خلقاً، وفي عكسه: ((اللهم كما حسنت خلقي حسن خلقي)).

الحديث الثالث عن أبي غالب: قوله: ((علي درج دمشق)) الجوهري: قولهم: حل درج الضب أي طريقه والجمع الأدراج. وقولهم: رجعت أدراجي أي رجعت في الطريق الذي جئت منه، والدرجة المرقاة والجمع الدرج، ولعل المراد في الحديث هذا القول؛ لقوله: ((منصوبة)). وقوله: ((كلاب النار)) خبر مبتدأ محذوف، ((وشر قتلي)) يجوز أنه خبر مبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر أو بدل، وقوله ((خير قتلي)) مبتدأ و ((من قتلوه)) خبره، وكان من الظاهر العكس ففعل اهتماماً، كقول الشاعر:

<<  <  ج: ص:  >  >>