٣٦٦٢ - وعن أم الحصين، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله، فاسمعوا له وأطيعوا)). رواه مسلم.
٣٦٦٣ - وعن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة)) رواه البخاري.
ــ
((حس)): أي حكم، يقال:((قال الرجل)) إذا حكم، ومنه القيل وهو الملك الذي ينفذ قوله وحكمه. ((تو)): ((قال بغيره)) أي أحبه وأخذ به إيثاراً له وميلاً إليه، وذلك مثل قولك: فلان يقول بالقدر ونحو ذلك، فالمعنى أنه يحبه ويؤثره. ((قض)): ((قال بغيره)) أي أمر بما ليس فيه تقوى ولا عدل، بدليل أنه جعل قسيم ((فإن أمر بتقوى الله وعدل))، ويحتمل أن يكون المراد به القول المطلق أو أعم منه، وهو ما يراه ويؤثره من قولهم: فلان يقول بالقدر، أي إن رأي غير ذلك وآثره قولا كان أو فعلا؛ ليكون مقابلا لقسيمه بقطريه، وسد الطرق المخالفة المؤدية إلي هيج الفتن. قوله:((فإن عليه منه)) [كذا وجدنا ((منه)) بحرف الجر في الصحيحين وكتاب الحميدي وجامع الأصول ((تو)): ((منه)) أي عليه وزر من صنيعه ذلك، وقد وجدناه في أكثر نسخ المصابيح ((فإن عليه منة)). بتشديد النون مع ضم الميم وبتاء التإنيث آخره – علي أنها كلمة واحدة وهو تصحيف غير محتمل لوجه هاهنا، وإنما هو حرف الجر مع الضمير المتصل به. ((قض)): ((فإن عليه منه))] أي وزراً وثقلا، وهو في الأصل مشترك بين القوة والضعف.
أقول: قوله: ((فإن أمر بتقوى الله)) إلي آخره مرتب علي قوله: ((ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصإني)) وقوله: ((وإنما الإمام – إلي قوله – ويتقي به)) معترض بينما لتأكيد الأمر بطاعته سواء كان عادلا أو لم يكن؛ إيذاناً بأنه مفترض الطاعة لتلك الفوائد المذكورة. ((مح)): فيه حث علي السمع والطاعة في جميع الأحوال، وسببها اجتماع كلمة المسلمين؛ فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم.
الحديث الثاني عن أم حصين: قوله: ((مجدع)) ((قض)): المجدع المقطوع الأنف، ((يقودكم)) يسوقكم بالأمر والنهي علي ما هو مقتضى كتاب الله وحكمه. وهذا وأمثال ذلك حث علي المداراة والموافقة والتحرز عما يثير الفتن، ويؤدي إلي اختلاف الكلمة.
الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((وإن استعمل عليكم)) ((شف)): قيل: معناه وإن استعمله الإمام الأعظم علي القوم؛ لأن العبد الحبشي لا يكون هو الإمام الأعظم؛ فإن الأئمة من قريش، وقيل: المراد به الإمام الأعظم علي سبيل الفرض والتقدير، وهو مبالغة في الأمر بطاعته والنهي عن شقاقه ومخالفته. ((خط)): قد يضرب المثل بما لا يكاد يصح في الوجود.
قوله:((كأن رأسه زبيبة)) صفة أخرى لعبد أي يشبه رأسه بالزبيبة؛ إما لصغره وإما لأن شعر رأسه [مقططا] كالزبيبة تحقيراً لشأنه. ((شف)): أي اسمعوه وأطيعوه وإن كان حقيراً.