المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد، فقال له:((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم علي شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال له:((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم علي شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أطلقوا ثمامة)) فانطلق إلي نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا
ــ
أحدها: معناه إن تقتل تقتل صاحب دم لدمه موضع يشتفي بقتله قاتله، ويدرك قاتله به ثأره أي لرياسته وفضله.
وثإنيها: إن تقتل تقتل من عليه دم مطلوب به، وهو مستحق عليه فلا عتب عليك.
وثالثها:((ذا ذم)) بالذال المعجمة وتشديد الميم أي ذا ذمام وحرمة في قومه، ورواها بعضهم في سنن أبي داود. قال القاضي: وهي ضعيفة لأنها تقلب المعنى فإن احترامه يمنع القتل. قال القاضي: ويمكن تصحيحها بأن تحمل علي الوجه الأول، أي يقتل رجلا جليلا يحتفل قاتله بقتله، بخلاف ما إذا قتل حقيراً مهيناً فإنه لا فضيلة ولا يدرك به قاتله ثأره.
أقول: واختار الشيخ التوربشتي الوجه الثاني، حيث قال: المعنى إن تقتل تقتل من توجه عليه القتل بما أصاب من دم، وأراه أوجه للمشاكلة التي بينه وبين قوله:((وإن تنعم تنعم علي شاكر)).
((شف)): في تقديم ثمامة قوله: ((إن تقتل تقتل ذا دم)) علي قسميه في اليوم الأول وتوسيطه بينهما في اليوم الثاني والثالث، ما يرشد إلي حذاقته وحدسه؛ فإنه لما رأي غضب النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم الأول قدم فيه القتل تسلية، فلما رأي أنه لم يقتله رجا أن ينعم عليه، فقدم في اليوم الثاني والثالث قوله:((إن تنعم)).
أقول: ويمكن أن يقال: إنه لما نفي الظلم عن ساحته صلوات الله عليه، ونظر إلي استحقاقه القتل قدمه، وحين نظر إلي إحسانه ولطفه صلوات الله عليه أخر القتل. وهذا أدعى للاستعطاف والعفو كما قال عيسى عليه السلام:{إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنَّهُمْ عِبَادُكَ وإن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ}.
قوله:((حتى كان بعد الغد)) اسم ((كان)) ضمير عائد إلي ما هو مذكور حكما، أي حتى كان ما هو عليه ثمامة بعد الغد، نحو قولهم: إذا كان غداً فأتنى، أي إذا كان ما نحن عليه غداً.