١٦٠ - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها)). متفق عليه.
وسنذكر حديث أبي هريرة:((ذروني ما تركتكم)) في كتاب المناسك، وحديثي معاوية وجابر:((لا يزال من أمتي)) و (الآخر): لا يزال طائفة من أمتي)) في باب: ثواب هذه الأمة، إن شاء الله تعالى.
الفصل الثاني
١٦١ - عن ربيعة الجرشي، قال: أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: لتنم عينك،
ــ
الحديث الحادي والعشرون عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ليأرز)) أي ينضم إليها وينقبض، يقال: أرز يأرز أرزاً أروزاً. ومنه الأروز للبخيل، سمي به لأنه ينقبض إذا سئل، والمأرز الملجأ أيضاً. قيل: يحتمل أن يكون هذا إخباراً منه صلى الله عليه وسلم عما كان في ابتداء الهجرة، ويحتمل أنه أخبر عن آخر الزمان حين يقل الإسلام، فينضم إلى المدينة، فيبقى فيها، شبه الإيمان وفرار الناس من آفات المخالفين والتجاءهم إلى المدينة – بانضمام الحية في حجرها، ولعل هذه الدابة أشد فراراً وانضماماً من غيرها، فشبه بها بمجرد هذا المعنى، فإن المماثلة يكفي في اعتبارها بعض الأوصاف، والله أعلم.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن ربيعة قوله:((أتى)) ((مظ)): أي أتى ملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ذلك، ومعناه لا تنظر بعينك إلى شيء، ولا تصغ بأذنك إلى شيء، ولا تجر شيئاً في قلبك، أي كن حاضراً حضوراً تاماً لتفهم هذا المثل، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأني قد فعلت ما تأمرني، ((فقيل لي)) أي قال ذلك الملك.
أقول – والله أعلم -: قوله: ((لتنم عينك)) الأوامر الثلاث واردة على الجوارح ظاهراً وهي في الحقيقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجمع بين هؤلاء الخلال الثلاث في نفسه، وأن يكون نائم العين، حاضراً بالسمع والقلب، على ما سبق في الحديث الخامس من الباب:((إن العين نائمة والقلب يقظان))، وعلى هذا جوابه قال: فنامت إلى آخره، أي امتثلت لما أمرت به، ويجوز أن لا يكون ثم قول ولا جواب، كما قال الله تعالى:{ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} وقال سبحانه: {إذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ}.