البحر، قال: وانفلت أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلي الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم، وأخذوا أموالهم.
فأرسلت قريش إلي النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم. رواه البخاري.
٤٠٤٣ - وعن البراء بن عازب، قال: صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية علي ثلاثة أشياء: علي أن من أتاه من المشركين رده إليهم، ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه، وعلي أن يدخلها من قابل ويقيم بها ثلاثة أيام، ولا يدخلا إلا بجلبان السلاح والسيف والقوس ونحوه، فجاء أبو جندل يحجل في قيوده، فرده إليهم. متفق عليه.
ــ
الله والرحم)) ((نه)): نشدتك الله والرحم أي سألتك بالله وبالرحم، يقال: نشدتك الله وأنشدتك الله وبالله وناشدتك الله وبالله، أي سألتك وأقسمت عليك، ونشدته نشدة ونشدانا ومناشدة، وتعديته إلي مفعولين إما لأنه يمنزلة دعوت حيث قالوا: نشدتك الله وبالله، أو لأنه ضمنوه معنى ذكرت.
قوله:((لما أرسل)) ((تو)): الرواية في ((لما)) بالتشديد وهي في موضع ((إلا)) كقوله تعالي: {إن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} علي قراءة من قرأ بالتشديد. والعرب لا تستمل هذا الحرف في كلامهم علي الوجه الذي في الحديث، إذا أرادو المبالغة في المطالبة، كأنهم يبتغون من المسئول، أن لا يهتم بشيء إلا بذلك، أقول:((فمن أتاه)) الفاء جواب شرط محذوف، المعنى: أي أرسلت قريش ما تطلب منه صلى الله عليه وسلم شيئا إلا ردهم إلي المدينة، فإذا فعلت ذلك فمن أتاه صلى الله عليه وسلم من مكة مسلما بعد، فهو آمن من الرد إلي قريش.
الحديث الثاني عن البراء: قوله: ((لم يردوه)) فإن قلت: كيف أتى بالجزاء هنا بلفظ المضارع وفيما سبق بالماضي، وما فائدته عند علماء المعإني؟. قلت: اهتمامهم بشأن رد المسلمين من أتاهم من المشركين أشد وأولي من ردهم المسلمين إليهم. وقوله:((علي أن من أتاه)) بدل من قوله: ((ثلاثة أشياء)) ((ومن أتاهم من المسلمين)) عطف علي ((من أتاه)) علي سبيل تقدير أن لا الانسحاب.