بِمَعْرُوفٍ} ولابد من هذا التأويل لئلا يلزم عدم الوفاء بالشرط؛ ولإظهار كراهة المشركين إقامته صلوات الله عليه فيها, قالوا ذلك قبل انقضاء الأجل.
((مح)): فيه أن للإمام أن يعقد الصلح علي ما رآه مصلحة للمسلمين, وإن كان لا يظهر ذلك لبعض الناس في بادئ الرأي. وفيه احتمال المفسدة اليسيرة لدفع مضرة كبيرة, أو لجلب منفعة أعظم منها.
ومن مصالح هذا الصلح وثمراته الباهرة, وفوائده المتظاهرة فتح مكة وإسلام أهلها, ودخول الناس في دين الله أفواجا, وذلك أنهم قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين, ولا تتظاهر أمور النبي صلى الله عليه وسلم كما هي عندهم. ولما حصل الحديبية اختلطوا بالمسلمين وجاءوا إلي المدينة, وذهب المسلمون إلي مكة وسمعوا منهم أحواله صلى الله عليه وسلم مفصلة, فوقفوا علي معجزاته الظاهرة وأعلام نبوته المتظاهرة وحسن سيرته وجميل طريقته, وعاينوا بأنفسهم كثيرا من ذلك فمالت نفوسهم إلي الإيمان, حتى بادر خلق منهم إلي الإسلام قبل فتح مكة, وازداد الآخرون ميلا إلي الإسلام, فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم, وكانت العرب في البوادي ينتظرون إسلام أهل مكة, فلما أسلموا أسلمت العرب كلهم. والله أعلم.
باب إخراج اليهود من جزيرة العرب
((نه)): الجزيرة اسم موضوع من الأرض وهو ما بين خفر أبي موسى الأشعري إلي أقصى اليمن في الطول, وما بين رمل يزين إلي منقطع السماوة في العرض. وقيل: هو من أقصى عدن إلي ريف العراق طولا, ومن جدة وساحل البحر إلي أطراف الشام عرضا. قال الأزهري: سميت جزيرة؛ لأن بحر فارس وبحر السودان أحاطا بجانبيها, وأحاط بالجانب الشمالي دجلة والفرات.
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بيت المدارس)) ((قض)): المدارس