ليس السن والظفر، وسأحدثك عنه:((أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبش)) وأصبنا نهب إبل وغنم فند منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا)) متفق عليه.
ــ
والصب بكثرة وهو مشبه بجري الماء في النهر، يقال: أنهر الدم وأنهرته، و ((ما)) يجوز أن تكون شرطية أو موصولة. وقوله:((فكل جزاء أو خبر، واللام في ((الدم)) بدل من المضاف إليه أي دم صيد. و ((ذكر اسم الله)) حال منه. وقوله:((أصبنا)) عطف على قلت، على تقدير الحصول والوجود، أي حصل منا القول والإصابة، والسين في سأحدثك لتأكيد الإثبات في المضارع.
قوله:((ليس السن)) ((فا)): ((ليس)) تقع في كلمات الاستثناء، يقولون: جاء القوم ليس زيداً بمعنى إلا زيداً، وتقديره عند النحويين: ليس بعضهم زيداً، ولا يكون بعضهم زيداً، [ومؤاده مؤدى] إلا. قوله:((أما السن فعظم)) ((قض)): هو قياس حذف عنه المقدمة الثانية لتقررها وظهورها عندهم، وهي أن كل عظم لا يحل الذبح به، وذكره دليلا على استثناء السن.
((مح)): قال أصحابنا: فهمنا أن العظام لا يحل الذبح بها؛ لتعليل النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:((أم السن فعظم)) فهذا تصريح بأن العلة كونه عظما، وكل ما صدق عليه اسم العظم لا يجوز الزكاة به، وبه قال الشافعي وأصحابه وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يجوز بالسن والعظم المتصلين ويجوز بالمنفصلين. وعن مالك روايات: أشهرها جوازه بالعظم دون السن كيف كان. و ((أما الظفر فمدى الحبش)) معناه أنهم كفار وقد نهيتكم عن [التشبه] بهم وبشعارهم.
أقول: فإن قلت: إن كان الذبح بالظفر محرماً؛ لكونه تشبهاً بالكفار فكان ينبغي تحريمه بالسكين أيضاً. قلت: إنهار الدم بالسكين هو الأصل. وأما المحلقات المتفرعة عليه فيعتبر فيه التشبه لضعفها.
قوله:((فند)) أي نفر واستعصى. و ((الأوابد)) جمع آبدة وهي التي تأبدت به أي توحشت. ((حس)): فيه دليل على أن الحيوان الإنسي إذا توحش ونفر فلم يقدر على قطع مذبحه، يصير جمع بدنه في حكم المذبح، كالصيد الذي لا يقدر عليه. وكذلك لو وقع بعير في بئر منكوساً. فلم يقدر على قطع حلقومه فطعن في موضع في بدنه فمات كان حلالا. روى في حديث أبي العشراء وهو الحديث الثاني من أحاديث حسان هذا الباب أنه قال:((لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك)) وأراد به غير المقدور عليه، وعلى عكسه لو استأنس الصيد وصار مقدوراً عليه لا يحل إلا بقطع مذبحه باتفاق أهل العلم.
قوله:((إن لهذه الإبل)) ((تو)) ((هذه)) إشارة إلى جنس الإبل. واللام فيه تفيد معنى ((من)). أقول: