حين خرج أبو بكر:((كيف رأيتني أنقذتك من الرجل؟)). قالت: فمكث أبو بكر أياما، ثم استأذن فوجدهما اصطلحا، فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قد فعلنا، قد فعلنا)).رواه أبو داود. [٤٨٩١]
٤٨٩٢ - وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدا فتخلفه)).رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. [٤٨٩٢]
((وهذا الباب خال عن الفصل الثالث))
ــ
حدث في سجيتها من غضبه عليها، فجعلته كأنه أجنبي؛ إذ في الأبوة استعطاف. وقوله:((قال: فمكث)) هذا يدل على أن النعمان سمع هذا الحديث من عائشة رضي الله عنها.
الحديث الثامن عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فتخلفه)) إن روى منصوبا كان جوابا للنهي على تقدير ((أن)) فيكون مسببا عما قبله. فعلى هذا التنكير في ((موعدا)) لنوع من الموعد، وهو ما لا يرضاه الله تعالى بأن يعزم عليه قطعا ولا يستثنى. فيجعل الله تعالى ذلك سببا للإخلاف. أو هو ينوي في الوعد الخلف كالمنافق؛ فإن آية المنافق الخلف في الوعد كما ورد:((إذا وعد أخلف)).ويحتمل أن يكون المنهي مطلق الوعد؛ لأنه كثيرا ما يفضي إلى الخلف. ولو روي مرفوعا كان المنهي الوعد المستعقب للإخلاف، أي لا تعده موعدا فأنت تخلفه، على أنه جملة خبرية معطوفة على إنشائية. وعلى هذا يتفرع عليه مسائل.
((مح)):أجمعوا على من وعد إنسانا شيئا ليس بمنهي عنه، فينبغي أن يفي بوعده. وهل ذلك واجب أم مستحب، فيه خلاف: ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب. فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة شديدة ولا يأثم. وذهب جماعة إلى أنه واجب، منهم عمر بن عبد العزيز. وبعضهم إلى التفضيل. ويؤيد الوجه الأول ما أورده في الإحياء حيث قال: وكان صلى الله عليه وسلم إذا وعد وعدا قال: ((عسى)). وكان ابن مسعود لا يعد وعدا إلا يقول: إن شاء الله عزوجل وهو الأولى. ثم إذا فهم مع ذلك الجزم في الوعد، فلا بد من الوفاء إلا أن يعتذر. فإن كان عند الوعد عازما على أن لا يفي به فهذا هو النفاق. والله أعلم.