للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٩٤ - وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)).رواه البخاري.

٤٨٩٥ - وعن البراء بن عازب، قال: في يوم حنين كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته يعني بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما غشيه المشركون، نزل فجعل يقول: ((أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب))

قال: فما رئى من الناس يومئذ أشد منه. متفق عليه.

ــ

الحديث الثاني والحديث الثالث عن البراء بن عازب رضي الله عنه: قوله: ((أنا النبي لا كذب)((تو)):ليس لأحد أي يحمل هذا على المفاخرة. والشيخ لم يصب في إيراد هذا الحديث في هذا الباب، ولا شك أنه اتبع بعض أصحاب الحديث في مصنفاتهم، ولم يصب أولئك أيضا. وقد نفي نبي الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه أن يذكر الفضائل التي خصه الله بها فخرا بل شكرا لأنعمه. فقال: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) الحديث. وذم العصبية في غير موضع. فأنى لأحد أن يعد هذا الحديث من أحد القبيلين؟ وكيف يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم أن يفتخر بمشرك؟ وكان ينهى الناس أن يفتخروا بآبائهم. وإنما وجه ذلك أن نقول: تكلم بذلك على سبيل التعريف؛ فإن الله تعالى قد أرى قوما قبل ميلاده ما قد كان علما على نبوته ودليلا على ظهور أمره. وأظهر علم ذلك على الكهنة حتى شهد به غير واحد منهم. فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكرهم بذلك، وعرفهم أن ابن عبد المطلب الذي روى فيه ما روى وذكر فيه ما ذكر.

أقول: والجواب ما ذكره في شرح السنة من قوله: الافتخار والاعتزاز المنهي عنه ما كان في غير جهاد الكفار. وقد رخص صلى الله عليه وسلم الخيلاء في الحرب مع نهيه عنها في غيرها. روى: أن عليا رضي الله عنه بارز مرحبا يوم خيبر فقال: ((أنا الذي سمتني أمي حيدرة)).انتهى كلامه. كأنه صلى الله عليه وسلم يرى الكفار شدة جأشه وشجاعته مع كونه مؤيدا من عند الله تعالى حين فلت شوكة المسلمين. وهي السكينة التي أنزل الله تعالى عليه يوم حنين وعلى المسلمين.

وتلخيص الجواب أن المفاخرة نوعان: مذمومة ومحمودة، فالمذموم منها ما كان عليه الجاهلية من الفخر بالآباء والأنساب للسمعة والرياء. والمحمود منها ما ضم مع النسب الحسب في الدين، لا رياء بل إظهارا لأنعمه تعالى عليه. فقوله: ((لا فخر)) احتراز عن المذموم منها، وكفي به شاهدا قوله في الحديث السابق قال: ((فخياركم في الجاهليو خياركم في الإسلام إذا فقهوا)).وقوله حين جاءه عباس، فكأنه سمع شيئا فقام على المنبر فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت رسول الله. قال: أنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب. إن الله تعالى خلق الخلق فجعلني في

<<  <  ج: ص:  >  >>