٥٢٢٧ - وعن معاذ بن جبل [رضي الله عنه] قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن؛ خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال:((يا معاذ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري)) فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة. فقال:((إن أولى الناس بي المتقون، من كانوا وحيث كانوا)) روى الأحاديث الأربعة أحمد. [٥٢٢٧]
٥٢٢٨ - وعن ابن مسعود [رضي الله عنه] قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن النور إذا دخل الصدر انفسح)). فقيل: يا رسول الله! هل لتلك من علم يعرف به؟ قال:((نعم، التجافي من دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله)). [٥٢٢٨]
ــ
الكاتب؛ لأن الإياس مصدر آسه إذا أعطاه، وليس مصدر أيس مقلوب يئس؛ لأن مصدر المقلوب يوافق الفعل الأصلي لا المقلوب. ويمكن أن يقال: إنه من أيس نفسه مما في أيدي الناس إياسا، فخففت الهمزة.
الحديث التاسع والعشرون عن معاذ رضي الله عنه: قوله: ((ولعلك أن تمر)) استعمال ((لعل)) على الحقيقة لكونه صلى الله عليه وسلم راغبا في لقاء الله تعالى، وأدخل ((أن)) في الخبر تشبيها للعل بـ ((عسى)) تلويحا إلى قوله تعالى: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا} والواو في ((وقبري)) بمعنى ((مع)).
قوله:((جشعا)) ((نه)): الجشع الجزع لفراق الإلف. قوله:((ثم التفت)) لعل الالتفات كان تسليا لمعاذ بعد ما نعى نفسه إليه يعني إذا رجعت إلى المدينة بعدي فاقتد بأولي الناس بي وهم المتقون، وكنى به عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. ونحوه حديث جبير بن مطعم: ((أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وكلمته في شيء فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله أرأيت إن جئت ولم أجدك، وكأنها تريد الموت، قال: فإن لم تجديني فأتي أبا بكر، وفيه دليل على أنه رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده وقائم مقامه.
الحديث الثلاثون والحادي والثلاثون عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله: ((يشرح صدره