يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة، هما محرمتان على كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها.)) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – وطعن بمختصرته في المنبر:((هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة)) يعني المدينة ((ألا هل كنت حدثتكم؟)) فقال الناس: نعم، ((فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة. ألا إنه في بحر الشأم أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو)) وأومأ بيده إلى المشرق رواه مسلم.
ــ
اجتاحهم واستئصلهم، ويحتمل أنه من باب الصرفة صرفه الله تعالى عن الطعن فيه والتكبر عليه وتفوه بما ذكر عنه كالمغلوب عليه والمأخوذ عليه فلم يستطع أن يتكلم بغيره تأييدا لنبيه صلى الله عليه وسلم، والفضل ما شهدت به الأعداء.
قوله:((صلتا)) ((نه)): أي مجردا، يقال: أصلت السيف إذا جرده من غمده وضربه بالسيف صلتا. قوله:((بمخصرته)) ((فا)): هو قضيب يشير به الخطيب أو الملك إذا خاطب.
((فا)): المخصرة كالسوط، وكل ما اختصر الإنسان بيده فامسكه من عصي ونحوها فهو مخصرة. وقوله:((هذه طيبة)) لما وافق هذا القول ما كان حدثهم به أعجبه ذلك وسر به فقال ... وقوله:(أو بحر اليمن)) لما حدثهم بقول تميم الداري لم ير أن يبين لهم موطنه ومجلسه كل التبيين؛ لما رأي في التباس من المصلحة، فرد الأمر فيه إلى التردد بين كونه في بحر الشام أو بحر اليمن، ولم تكن العرب يومئذ تسافر إلا في هذين البحرين. ويحتمل أنه أراد ببحر الشام ما يلي الجانب الشامي، وببحر اليمن ما يلي الجانب اليماني، والبحر بحر واحد. وهو الممتد على أحد جوانب جزيرة العرب، ثم أضرب عن القولين مع حصول اليقين في أحدهما فقال: لا بل من قبل المشرق.
((شف)): يمكن أنه صلى الله عليه وسلم كان شاكا في موضعه، وكان في ظنه أنه لا يخلو عن هذه المواضع الثلاثة، فلما ذكر بحر الشام وبحر اليمن، تيقن له من جهة الوحي أو غلب على ظنه، أنه من قبل المشرق، فنفي الأولين وأضرب عنهما وحقق الثالث.
قوله:((ما هو)) ((مح)): قال القاضي: لفظة ما ها هنا زائدة، صلة للكلام وليست بنافية، والمراد إثبات أنه في جهة المشرق. ((تو)): ويحتمل أن يكون خبرا، أي الذي هو فيه، أو الذي