للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٥٢ - وعن عكرمة، أن ابن عباس قال: حدث الناس كل جمعة مرة، فإن أبيت فمرتين، فإن أكثرت فثلاث مرات، ولا تمل الناس هذا القرآن؛ ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقص عليهم فتقطع عليهم حديثهم فتملهم؛ ولكن أنصت، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه، وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون ذلك. رواه البخاري.

ــ

متعلق به، أي الذي فقه في الدين. ومثله ما جاء في التنزيل: {وإني خفت الموالي من ورائي} الجار والمجرور متعلق بصلة اللام على وجه، فعلى هذا يجوز أن تكون الجملة الشرطية حالاً من الضمير في ((الفقيه))، والظاهر أن تكون جملة مستأنفة، بياناً لاستحقاقه التمدح. ويجوز أن يكون صفة ((الفقيه)) إذا جعل التعريف للجنس، نحو قوله:

ولقد أمر على اللئيم يسبني

وقوبل ((نفع)) بـ ((أغنى)) لتعم الفائدة، أي نفع الناس وأغناهم بما يحتاجون إليه، ونفع نفسه وأغناها بما يحتاج إليه، من قيام الليل، وتلاوة كتاب الله، وغيرهما من العبادات. والله أعلم.

الحديث الرابع عن عكرمة: قوله: ((فإن أبيت)) أي فإن أبيت التحديث مرة فمرتين، وإن أردت الإكثار فثلاث مرات. و ((هذا القرآن)) إشارة إلى تعظيمه فرتب وصف التعظيم على الحكم للإشعار بالعلية، أي لا تحقر هذا العظيم الشأن. ((ولا ألفينك)) من باب لا أرينك، أي لا تكن بحيث ألفينك وأجدك في هذه الحالة، وهي أن تأتي القوم وحالهم كيت وكيت، و ((تأتي)) حال من الضمير المنصوب في ((ألفينك)((وهم في حديث)) حال من المرفوع في ((تأتي))، و ((فتقص)) و ((فتقطع)) معطوفان على ((تأتي))، و ((فتملهم)) منصوب جواب للنهي.

قوله: ((وانظر السجع من الدعاء)) فإن قلت: كيف حذر عن السجع في الدعاء وأكثر الأدعية المأثورة مسجعة؟ قلت: التعريف في السجع للعهد، وهو السجع المذموم الذي كان الكهان والمتشدقون يتعاطونه ويتكلفونه في محارواتهم، لا الذي يقع في فصيح الكلام بلا كلفة منهم؛ فإن كل الفواصل التنزيلية واردة على ذلك، ويعضده إنكاره صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أسجع كسجع الكهان؟)) على من قال: أأدى لمن لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك يطل. المعنى تأمل في السجع الذي ينافي إظهار الاستكانة والتضرع والتخشع في الدعاء فاجتنبه؛ فإنه أقرب إلى الإجابة. و ((عهدت)) أي عرفت من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يجتنبون مثل ذلك السجع. ونحوه في حديث أم زرع: ((لا يسأل عما عهد)) أي عما كان يعرفه هو في البيت من طعام وشراب ونحوهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>