سلم سلم. حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلَاّ زحفًا)). وقال:((وفي حافتي الصراط كلاليب معلقةٌ مأمورة، تأخذ من أُمرت به، فمخدوش ناج، ومكردسٌ في النار)). والذي نفسُ أبي هريرة بيده إن قَعر جهنم لسبعين خريفًا. رواه مسلم.
ــ
قال صاحب التحرير: هذا وارد على سبيل التواضع، أي لست بصدد تلك الدرجة الرفيعة، ومعناه أن المكارم التي أعطيتها كانت بواسطة سفارة جبريل عليه السلام، ولكن ائتوا موسى عليه الصلاة والسلام فإنه حصل له الكلام بغير واسطة، وإنما كرر لأن نبينا صلى الله عليه وسلم حصل له السماع بغير واسطة، وحصل له الرؤية أيضًا، فقال إبراهيم: أنا وراء موسى الذي هو وراء محمد صلى الله عليه وسلم.
وإرسال الأمانة والرحم لعظم أمرهما وكبر موقعهما فتصوران شخصين على الصفة التي يريدها الله سبحانه وتعالى، ومعناه: أنهما يقومان ليطالبا كل من يريد الجواز على الصراط بحقهما، فمن وفي بحقهما يعاوناه على الجواز على الصراط وإلا تركاه.
قوله:((أي شيء كمر البرق)) أي ما الذي شبه من المارين بمر البرق.
وقوله:((ألم تروا أن البرق)) بيان لما شبهوا به البرق وهو سرعة اللمعان، يعنى سرعة مرورهم على الصراط كسرعة لمعان البرق، كأنه استبعد أن يكون في الإنسان ما يشبه البرق في السرعة فسأله عن أمر آخر وهو المشبه، فأجاب بأن ذلك غير مستبعد وليس بمستنكر أن يمنحهم الله تعالى ذلك بسبب أعمالهم الحسنة، ألا ترى كيف أسند الجريان إلى الأعمال في قوله:((تجرى بهم أعمالهم)) أي تجرى وهي ملتبسة بهم، لقوله تعالى:{وهي تجرى بهم في موج كالجبال} ويجوز أن تكون الباء فيه للتعدية، ويؤيد الوجه الأول قوله:((حتى تعجز أعمال العباد)) وقوله: ((حتى يجيء الرجل)) بدل من قوله ((حتى تعجز)) وتوضيح له.
قوله:((لسبعين خريفًا)) مح: في بعض الأصول ((لسبعون)) بالواو وهو ظاهر، وفيه حذف، أي مسافة قعر جهنم مسيرة سبعين خريفًا، وفي معظم الأصول والروايات ((لسبعين)) بالياء، وهو صحيح أيضًا على تقدير مسيرة سبعين، فحذف المضاف وترك المضاف إليه على إعرابه، أو يكون التقدير أن بلوغ قعر جهنم لكائن في سبعين خريفًا، فسبعين ظرف لمحذوف.