٥٦١٨ - وعن أنسٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ في الجنةِ لسُوقًا يأتونَها كلَّ جُمعةٍ، فتهبُّ ريحُ الشمال، فتحثو في وجوهِهم وثيابِهم، فيزدادون حُسنًا وجمالا، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنًا وجمالا، فيقول لهم أهلوهُم: واللهِ لقدِ ازدَدتم بعدَنا حسنًا وجمالا. فيقولونَ: وأنتم واللهِ لقدِ ازددتم بعدَنا حُسنًا وجمالا)). رواه مسلم.
٥٦١٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أولَ زُمرةٍ يدخلونَ الجنةَ على صورةِ القمر ليلةَ البدْرِ، ثم الذينَ يلونَهم كأشدِّ كوكب دُريِّ ني السماءِ إضاءة، قلوبُهم على قلب رجلٍ واحدٍ، لا اختلافَ بينهم ولا تباغُضَ، لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين، يُرى مُخُّ سُوقِهنَّ من وراء العظمِ واللحم منَ
ــ
آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمرة لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفي}.
الحديث السابع عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((إن في الجنة لسوقًا)) مح: السوق مجمع لأهل الجنة يجتمعون فيها في كل مقدار جمعة - أي أسبوع - وليس هناك أسبوع حقيقة لفقد الشمس والليل والنهار.
و ((الشمال)) بفتح الشين بغير همز، وخصها بالذكر لأنها ريح المطر عند العرب وكانوا يرجون السحاب الساقية.
أقول: لعل تسمية المجمع بالسوق من باب تسميتهم الأنف بالمرسن والشفة بالمشفر.
الحديث الثامن عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((كأشد كوكب)) أفرد المضاف إليه ليفيد الاستغراق في هذا النوع من الكوكب، يعني إذا تقصيت كوكبًا كوكبًا رأيتهم كأشده إضاءة.
فإن قلت: ما الفرق بين هذا والتركيب السابق؟.
قلت: كلاهما تشبيهان، إلا أن الوجه في الثاني هو الإضاءة فقط، وفي الأول الهيئة والحسن والضوء، كما إذا قلت: إن زيدًا ليس بإنسان بل هو في صورة الأسد وهيئته وجرأته، وهذا التشبيه قريب من الاستعارة المكنية، والكوكب الدري هو الشديد الإنارة نسب إلى الدر وشبه صفاؤه بصفائه.
قوله:((زوجتان)) الظاهر أن التثنية للتكرير لا للتحديد كقوله تعالى: {ثم ارجع البصر