للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آدمَ قرناً فقرناً، حتى كنتُ من القرن الذي كنتُ منه)). رواه البخاري.

ــ

مقترنين في وقت، سمى قرناً لأنه يقرن أمة بأمة وعالماً بعالم، وهو مصدر قرنت، أي وصلت، وجعل اسماً للوقت أو لأهله.

وقيل: القرن ثمانون سنة، وقيل: أربعون، وقيل: مائة.

قوله: ((حتى كنت)) غاية قوله: ((بعثت)) والمراد بالبعث تقلبه في أصلاب الآباء أباً فأباً قرناً فقرناً حتى ظهر في القرن الذي وجد فيه، يعني انتقلت أولاً من صلب ولد إسماعيل، ثم من كنانة، ثم من قريش، ثم من بني هاشم، فالفاء في قوله: ((قرناً فقرناً)) للترتيب على سبيل الترقي من الآباء الأبعد إلى الأقرب فالأقرب، كما في قولك: خذ الأفضل فالأكمل، واعمل الأحسن فالأجمل، نحو: {فالزاجرات زجراً فالتاليات ذكراً} وعلى أن الطوائف الصافات ذوات فضل، والزاجرات أفضل والتاليات، وفي معناه أنشد ابن الرومي:

كم من أب قد علا بابن ذرى شرف ... كما علا برسول الله عدنان

وفي قولنا: ((حتى ظهر في القرن الذي وجد)) نسخته مما روى الإمام ابن الجوزي في كتابه الوفاء عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال: لما أراد الله عز وجل أن يخلق محمداً صلى الله عليه وسلم أمر جبريل عليه السلام فأتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعجنت بماء التسنيم، فغمست في أنهار الجنة، وطيف بها في السموات، فعرفت الملائكة محمداً صلى الله عليه وسلم وفضله قبل أن يعرف آدم، ثم كان نور محمد يرى في غرة جبهة آدم، وقيل له: يا آدم هذا سيد ولدك من المرسلين، فلما حملت حواء بشيث انتقل النور من آدم إلى حواء، وكانت تلد في كل بطن ولدين إلا شيئاً فإنها ولدته وحده كرامة لمحمد صلى الله عليه وسلم، ثم لم يزل ينتقل من طاهر إلى طاهر إلى أن ولد صلى الله عليه وسلم.

وروى أيضًا أنه مر عبد الله بن عبد المطلب بامرأة من خثعم يقال لها: (فاطمة بنت مر) وكانت من أجمل الناس وأعفهم، وكانت قرأت الكتب، فرأت نور النبوة في وجه عبد الله فقالت: هل لك أن تقع على وأعطيك، مائة من الإبل؟ فقال:

أما الحرام فالممات دونه ... وأما الحل فلا حل

ثم مضى إلى امرأته بنت وهب وكان معها، ثم ذكر الخثعمية وما عرضت عليه فأقبل إليها، فلم ير منها الإقبال عليه آخراً كما رآه منها أولاً، فقال لها: هل لك فيما قلت لي؟ فقالت: قد كان ذلك مرة فاليوم لا. فذهب ميلاً، وقالت: أي شيء صنعت بعدي، قال: وقعت على زوجتي آمنة، فقالت: والله لست بصاحبة ريبة ولكني رأيت نور النبوة في وجهك فأردت أن يكون ذلك في، فأبى الله إلا أن يجعله حيث جعله.

<<  <  ج: ص:  >  >>