٧ - وعن انس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين). متفق عليه.
ــ
للعدو الشديد، والبعير تقطع الفلاة البعيدة؛ والإنسان ليعلم ويعمل بحسبه، وكل شيء لم يوجد كاملا لما خلق له لم يستحق اسمه مطلقا، بل قد ينتفي عنه، كقولهم: فلان ليس بإنسان، أي لا يوجد فيه المعنى الذي خلق لأجله من العلم والعمل، فلى هذا إذا وجدت مسلما يؤذي المسلمين بلسانه ويده، فقلت له: لست بمسلم، عنيت أنك لست بكامل فيما تحليت به من حلية الإسلام، وهذا معنى قول محيي السنة: إن الإسلام ينفى عمن ليس بصفته.
فإن قيل: ما معنى تخصيص المسلم بالذكر ثم المسلمون ثم اللسان واليد؟ والجواب (والله أعلم) هو إظهار رأفته - صلى الله عليه وسلم - بالأمة وإلحاقه بالكل من أصحابه (رضوان الله عليهم)، كأنه قال: المسلم الكامل من تشبه بهم، واتصف بصفتهم التي وصفهم الله (تعالى) بها في قوله (تعالى): (أشداء على الكفار رحماء بينهم) وكان شدتهم على الكفار المجاهدة بالسنان واللسان، وترحمهم على غخوانهم المسلمين بكف الأذى وإيثار الموجود، كما قال الله (تعالى): (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) فخص بما ينبيء عن كف الاذى؛ ليؤذن بغاية التواضع والذلك، تلويحا إلى معنى قوله:(أذلك على المؤمنين أعزة على الكافرين). ولما كانت عزتهم على الكفرة وقهرهم باليد واللسان، فينبغي أن ينتفي عنهم ما كانت العزة به، وهو يستلزم الإيثار بطريق الأولى وفي تقديم كر اللسان، فينبغي أن ينتفي عنهم ما كانت العزة به، وهو يستلزم الإيثار بطريق الأولى وفي تقديم ذكر اللسان على اليد رمز إلى معنى قوله قوله - صلى الله عليه وسلم - لحسان:(اهج المشركين فإنه أشق عليهم من رشق النبل) او كما قال. ويمكن أن ينزل الإسلام بلسان أهل السلوك على التسليم والرضى.
(غب): الإسلام في الشرع على ضربين: أحدهما دون الإيمان، وهو الاعتراف باللسان، وبه يحقن الدم، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل، وإياه قصد بقوله (تعالى): (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا). والثاني فوق الإيمان، وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب، ووفاء بالفعل، واستسلام لله في جميع ما قضى وقدر، كما ذكر عن إبراهيم (عليه السلام)(إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين) انتهى كلامه. فمن أسلم وجهه لله وهو محسن، ورضي بما قضى وقدر، لم يتعرض لأحد، وكف أذاه بالكلية، لا سيما عن إخوانه المسلمين، وعيه ينطبق الزيادة في رواية مسلم، وفيها أيضًا شهادة لصحة تأويل رواية البخاري.
الحديث الخامس عن أنس (رضي اللهعنه): قوله: (أحب). (غب): المحبة إرادة ما يراه أو يظنه خيرًا، وهو على ثلاثة أوجه: محبة الرجل المرأة. ومحبة النفع، كمحبة شيء