للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له؟ فزعمت أن لا, وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب وسألتك هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون, وكذلك الإيمان حتى يتم. وسألتك هل قاتلتموه؟ فزعمت أنكم قاتلتموه، فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه, وكذلك الرسل تبتلى, ثم تكون لها العاقبة. وسألتك هل يغدر. فزعمت أنه لا يغدر, وكذلك الرسل لا تغدر, وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله؟ فزعمت أن لا، فقلت: لو كان قال هذا القول أحد قبله, قلت: رجل ائتم بقول قيل قبله قال: ثم قال: بما يأمركم؟ قلنا: يأمرنا بالصلاة, والزكاة, والصلة, والعفاف قال: إن يكُ ما تقول حقا فإنه نبيٌّ, وقد كنت أعلم أنه خارجٌ, ولم أكن أظنه منكم, ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه, ولو كنت عنده لغسلت عند قدميه, وليبلغن ملكه ما تحت قدمي. ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه. متفق عليه.

وقد سبق تمام الحديث في ((باب الكتاب إلى الكفار)).

ــ

وأما سؤاله عن الغدر فلأن من طلب حظ الدنيا لا يبالي بالغدر وغيره مما يتوصل به إلى ذلك, ومن طلب الآخرة لم يرتكب غدرًا ولا غيره من القبائح.

وبشاشة اللقاء: الفرح بالمرئى والانبساط إليه والأنس به.

((وكذلك الرسل تبتلى)) يعني يبتليهم في ذلك ليعظم أجرهم بكثرة صبرهم وبذل وسعهم في طاعة الله تعالى.

والصلة: صلة الأرحام وكل ما أمر الله تعالى به أن يوصل.

والعفاف: الكف عن المحارم.

قال العلماء: وقول هرقل: ((إن يك ما تقول حقا فإنه نبي ..)) أخذه من الكتب القديمة, ففي التوراة هذا ونحوه من علامات رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه بالعلامات, وأما الدليل القاطع على النبوة فهو المعجزة الظاهرة الخارقة للعادة, هكذا قاله المازري.

قوله: ((أخلص إليه)) أي أصل إليه.

نه: يقال: خلص فلان إلى فلان, أي وصل إليه.

مح: لا عذر له في هذا لأنه قد عرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما شح في الملك ورغب في الرئاسة فآثرها على الإسلام، وقد جاء ذلك مصرحًا به في صحيح البخاري, ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفق النجاشي وما زالت عنه الرئاسة – والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>