٦٠٠٧ - عن أبي سعدي الخدري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) متفق عليه.
٦٠٠٨ - وعن أبي بردة، عن أبيه، قال: رفع- يعني النبي صلى الله عليه وسلم- رأسه إلى السماء، وكان كثيراً مما يرفع رأسه إلى السماء. فقال:((النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد؛ وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)) رواه مسلم.
ــ
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله:((لا تسبوا)) مح: أعلم أن سب الصحابي حرام وهو من أكبر الفواحش، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر، وقال بعض المالكية: يقتل: وقال القاضي عياض: سب أحدهم من الكبائر.
قوله:((ولا نصيفه)) قض: النصيف النصف، أي نصف مد، وقيل هو: مكيال دون المد، والمعنى أنه لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهباً من الفضيلة والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصفه لما يقارنه من مزيد الإخلاص وصدق النية وكمال النفس.
أقول: ويمكن أن يقال: إن فضيلتهم بحسب فضيلة إنفاقهم وعظم موقعه، كما قال الله تعالى {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا}، من قبل الفتح أي قبل فتح مكة، يعني قبل عز الإسلام وقوة أهله ودخول الناس في دين الله أفواجاً، وقلة الحاجة إلى القتال والنفقة فيه، هذا في الإنفاق فكيف بمجاهدتهم وبذل أرواحهم ومهجهم وفراغهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك.
الحديث الثاني عن أبي بردة رضي الله عنه:
قوله:((مما يرفع)) بيان لكثير، أو هو خبر كان، أي كثيراً رفع رأسه، وما مصدرية ويجوز أن تكون زائدة.
قوله:((أمنة للسماء)) يقال: أمنته وأمنته غيري وهو في أمن منه، وفلان أمنة وأمنة بسكون الميم كأنها المرة من الأمن. ويجوز أن يكون جمع آمن كبار وبررة.