الحديث السادس عن أنس (رضي الله عنه): قوله: (ثلاث من كن فيه) ثلاث مبتدأ، والجملة
الشرطية خبره، وجاز ذلك؛ لأن التقدير: خصال ثلاث. قال المالكي في شرح التسهيل: مثال
الابتداء بنكرة هي وصف على قول العرب: ضعيف عاذ بقرملة. أي إنسان ضعيف أو حيوان
ضعيف التجأ إلى ضعيف القرملة شجرة ضعيفة. ويجوز أن تكون الجملة الشرطية صفة
لثلاث؛ كما أنه يجوز أن تكون خبر المبتدأ في قولك: زيد إن تعطه يشكرك. أو صلة
للموصل كما في قوله (تعالى): (وليخش الذين لو تركوا) أو حالا لذي الحال، كما في
قوله تعالى: (إن تحمل عليه يلهث) ويكون الخبر: (من كان الله ورسوله أحب إليه) وعلى
التقديرين لابد من تقدير مضاف قبل (من كان) لأنه على الأول إما بدل عن ثلاث، أو بيان،
وعلى الثاني خبر. قيل: لابد من إضمار مضاف قبل كل لا ستقامة المعنى، تقديره قبل (من)
الأولى والثانية: محبة من كان الله ورسوله، ومحبة من أحب عبداً، وقبل (من الأولى والثالثة:
محبة من كان الله ورسوله، ومحبة من أحب عبداً، وقبل (من) الأولى والثالثة: وكراهة من
يكره أن يعود؛ ولشدة اتصال المضاف بالمضاف إليه في الإضافات الثلاث وغلبة المحبة والكراهة
عليهم حذف المضاف منها.
وحلاوة الإيمان استعارة شبهت شدة رغبة المؤمنين في إيمانه بشيء ذي حلاوة، وأثبت له لازم
ذلك، وأضيف إليه على التخبيلية. (مح): معنى حلاوة الإيمان استلذاذالطاعات، وتحمل
المشاق في رضي الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وإيثار ذلك على هوى نفسه وأعراض الدنيا، فمن
وجد حلاوة الإيمان اطمأن به نفسه، وانشرح له صدره، وخالط لحمه ودمه، فأحب الله تعالى
ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بفعل الطاعة وترك المخالفة؛ إن المحب لمن يحب مطيع. وقيل: المحبة مواطأة
القلب على ما يرضى الرب سبحانه، فيحب ما أحب، ويكره ما كره.
وبالجملة أصل المحبة الميل إلى ما يوافق المحب، ثم الميل قد يكون لما يستلذه الإنسان
ويستحسنه، كحسن الصورة والطعام ونحوها، وقد بعقله المعاني الباطنة كمحبة الصالحين
والعلماء وأهل الفضل مطلقا، وقد يكون لإحسانه ودفعه الضار والمكاره عنه، وهذه المعاني كلها
موجودة في النبى - صلى الله عليه وسلم - لما جمع من جمال الظاهر والباطن، وكما خلال الجلال وأنواع
الفضائل، وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إياهم إلى الطريق ودوام النعيم، والإبعاد
من الجحيم. وقد أشار بعضهم إلى أن هذا متصور في حق الله تعالى فإن الخير كله منه (سبحانه
وتعالى). قال مالك وغيره: المحبة في الله تعالى من واجبات الإسلام. (قض) إنما جعل هذه
ــ