وما هما ثم وقال: ((بينما رجل في غنم له إذ عدا الذئب على شاة منها، فأخذها فأدركها صاحبها، فاستنقذها، فقال له الذئب: فمن لها يوم السبع، يوم لا راعي لها غيري؟ فقال الناس: سبحان الله ذئب يتكلم؟!)). فقال: أومن به أنا وأبو بكر وعمر)) وما هما ثم. متفق عليه.
ــ
قلت: لو لم يذكر ((أنا)) لاحتمل أن يكون ((وأبو بكر)) عطفاً على محل ((إن)) واسمها والخبر محذوف فلا يدخل في معنى التأكيد، وتكون هذه الجملة واردة على التبعية ولا كذلك في هذه الصورة.
تو: إنما أراد بذلك تخصيصها بالتصديق الذي بلغ عين اليقين وكوشف صاحبه بالحقيقة التي ليس وراءها للتعجب مجال.
قوله: ((فقال له الذئب فمن لها؟)) وفي أصل المالكي: ((فقال الذئب: هذا استنقذتها مني فمن لها؟)).
قال المالكي: في هذا ثلاثة أوجه: أن يكون منادي؛ أي يا هذا، أجازه الكوفيون خلافاً للبصريين، وقول المجيز أصح لثبوتها في الكلام الفصيح كفول ذي الرمة:
إذا هملت عيني لها قال صاحبي: لمثلك هذا لوعة وغرام
وأن يكون في موضع نصب على الظرفية مشاراً به إلى اليوم، والأصل هذا اليوم استنقذتها مني.
وأن يكون في موضع نصب على المصدرية، والأصل: هذا الاستنفاذ استنقذتها مني.
والأصل في السبع ضم الباء فسكنها على لغة بني تميم، ((نه)) فإنهم يسكنون العين المضمومة من الأسماء والأفعال.
قوله: ((فمن لها يوم السبع)) نه: قال ابن الأعرابي: السبع بسكون الباء الموضع الذي يكون إليه المحشر يوم القيامة، أراد من لها يوم القيامة.
والسبع أيضاً الذعر: يقال: سبعت فلاناً إذا ذعرته، وسبع الذئب الغنم إذا فرستها، أي من لها يوم الفزع.
وقيل: هذا التأويل يفسد بقول الذئب في تمام الحديث: ((يوم لا راعي لها غيري)) والذئب لا يكون لها راعياً يوم القيامة.
وقيل: أراد من لها عند الفتن حين يتركها الناس هملا لا راعي لها فتكون نهبة للذئاب والسباع، فجعل السبع لها راعياً إذ هو منفرد بها، ويكون حينئذ بضم الباء، وهذا إنذار بما يكون من الشدائد والفتن التي يهمل الناس فيها شياههم فيتمكن منها السباع بلا مانع.