٣٠٢ - وعن علي، قال: كنت رجلاً مذاء، فكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد، فسأله، فقال: يغسل ذكره ويتوضأ)). متفق عليه.
٣٠٣ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((توضأوا مما مست النار)) رواه مسلم. [٣٠٣]
قال الشيخ الإمام الأجل محيي السنة، رحمه الله: هذا منسوخ بحديث ابن عباس:
ــ
التصدق تزكية النفس من الأوضار، وطهارة لها، كما أن الوضوء كذلك، ومن ثم صرح بلفظ الطهور، وهو المبالغة في الطهر.
الحديث الثالث عن علي رضي الله عنه: قوله: ((مذاء)) ((قض)): المذاء كثير المذي من: أمذى، وللشافعي قولان فيما إذا خرج من أحد السبيلين خارج غير معتاد، كالدم والمذي: أحدهما أنه يتعين غسله، ولا يجوز الاقتصار علي الحجر لندوره، وخصوصاً في المذي للزوجته وانتشاره. ويعضده ظاهر الحديث. والثاني جواز الاقتصار نظراً إلي المخرج، والمراد من الأمر بالغسل لتتقلص عروقه، وينقطع المذي.
((تو)): وإنما استحى من سؤال النبي صلوات الله عليه لمكان فاطمة رضي الله عنها منه، ولأن ما يستحى منه من الأوطار النفسإنية والتأثيرات الشهوإنية مما لا يكاد يفصح به أولو الأحلام، وخاصة بحضرة الأكابر. وإنما أمر بالغسل لاحتمال أنهم كانوا لا يتنزهون عن المذي تنزههم عن البول، ولا يرونه بمثابة البول في وجوب التطهر منه، فأمرهم صلوات الله عليه بالغسل، وفيه دليل علي نجاسته.
الحديث الرابع عن أبي هريرة: قوله: ((توضؤوا)) ((قض)): الوضوء في أصل اللغة هو غسل بعض الأعضاء وتنظيفه، من الوضاءة بمعنى النظافة، والشرع نقله إلي الفعل المخصوص وقد جاء هاهنا علي أصله والمراد منه وفي نظائره غسل اليدين لإزالة الزهومة توفيقاً بينه وبين حديث ابن عباس وأم سلمة ونحوهما. ومنهم من حمله علي المعنى الشرعي، وزعم أنه منسوخ بحديث ابن عباس، وذلك إنما يتقرر أن لو علم تاريخهما، وتقدم الأول. لا يقال: ابن عباس متأخر الصحبة فيكون حديثه ناسخاً، لأنا نقول: تأخر الصحبة وحده لا يقتضي تأخر الحديث، نعم! لو كانت صحبته بعد وفاة الآخر أو غيبته دل ذلك علي تأخره، أما لو اجتمعنا عند الرسول صلوات الله عليه فلا، لجواز أن يسمع الأقدم صحبة بعد سماعه.