٤٦٥ - وعن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ((أن لا يمس القرآن إلا طاهر)) رواه مالك والدارقطني [٤٦٥].
٤٦٦ - وعن نافع، قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجة، فقضى ابن عمر حاجته، وكان من حديثه يومئذ أن قال: مر رجل في سكة من السكك، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرج من غائط أو بول، فسلم عليه، فلم يرد عليه، حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة، ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه علي الحائط ومسح بهما علي وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى، فمسح ذراعيه، ثم رد علي الرجل السلام، وقال:((إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا إني لم أكن علي طهر)). رواه أبو داود [٤٦٦].
ــ
الحديث الثامن عن عبد الله: قوله: ((وأن لا يمس القرآن)) أخرج الجملة مخرج الحصر، وخص (بما وإلا)، وقد صرح الزجاج في قوله تعالي:{فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً} بأن هذا التركيب يفيد التأكيد والشمول، كما تفيده صيغ المؤكدات، فلا تحتمل المجاز. والحديث بيان لقوله تعالي:{إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون} فإن الضمير في {لا يمسه} يحتمل أن يرجع إلي القرآن و ((لا)) ناهية و {المطهرون} هم الناس، وأن يرجع إلي الكتاب المعني به اللوح المحفوظ، ولا نافية، ((والمطهرون)) هم الملائكة، فالحديث كشف عن المراد، وأن الهي وارد علي الناس، ويعضده مقام مدح القرآن الكريم، وبكونه ثابتاً في اللوح المحفوظ، يكون الحكم بقوله:{لا يمسه} مرتباً علي الوصفين المناسبين للقرآن المشعرين بالعلية، والله أعلم.
الحديث التاسع والعاشر، عن نافع: قوله: ((في حاجة)) أي في شأن حاجة، والتنكير فيها للشيوع، لعل ما بعدها يقيدها بقضاء الحاجة. وقوله:((أن قال)) بدل من حديثه، أي كان من قوله كذا. و ((خرج من غائط)) أي فرغ منه، فتجوز فيه؛ لأن الخروج إنما يكون بعد الفراغ. و ((ضرب بيديه)) جواب ((إذا))، و ((حتى)) هي الداخلة علي الجملة الشرطية ولعل هذا الحائط كان قد علاه الغبار؛ ليصح التيمم به عند الشافعي، وإلا فهو صحيح عند أبي حنيفة. وفيه أن من شرط ذكر الله أن يكون الذاكر طاهراً كيف ما كان، وأن ذكر الله وإن لم يكن صريحاً- كما في السلام- ينبغي أن يكون علي الطهارة، فإن المراد هنا السلامة، لكنه مظنة لأن يكون اسماً من أسماء الله تعالي. ((حس)): فيه بيان أن رد السلام وإن كان واجباً، فالمسلم علي الرجل في مثل