للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩٧ - وعن عثمان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بني لله مسجداً، بنى الله له بيتاً في الجنة)) متفق عليه.

٦٩٨ - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من غدا إلي المسجد أو راح، أعد الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح)) متفق عليه

ــ

خبث لا يخرج إلا نكدا}.

قال قتادة: المؤمن سمع كتاب الله بعقله فوعاه وانتفع به، كالأرض الطيبة أصابها الغيث فأنبتت، والكافر بخلافه، وذلك لأن زوار المسجد {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} الآية، وقصاد الأسواق شياطين الجن والإنس من الغفلة الذين غلبهم الحرص والشدة، وذلك لا يزيد إلا قرباً من الله تعالي ومن أوليائه، وهذا لا يورث إلا دنوا من الشيطان وحزبه، اللهم إلا من يعمد إلي طلب الحلا الذي يصون به دينه وعرضه، {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}. ويجوز أن يقدر مضاف، فيرجع الضمير في ((مساجدها)) و ((أسواقها)) إليه، أي أحب بقاع البلاد مساجدها، والله أعلم.

الحديث الثامن عن عثمان رضي الله عنه: قوله: ((بيتاً في الجنة)) وفي رواية: ((مثله)) ((مح)): يحتمل مثله في القدر والمساحة، ولكنه أنفس هيئة بزيادات كثيرة، ويحتمل مثله في مسمى البيت وإن كان أكبر مساحة وأشرف. أقول: والاحتمال الثاني هو الوجه لأن التنكير في قوله: ((مسجداً)) ينبغي أن يحمل علي التقليل، وفي ((بيتاً)) علي التكثير والتعظيم؛ ليوافق ما جاء: ((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة ...)) الحديث.

الحديث التاسع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((له نزله)) النزل ما يهيأ للنزيل، و ((كلما غدا)) ظرف، وجوابه ما دل عليه ما قبله، وهو العامل فيه، المعنى كلما استمر غدوة ورواحة يستمر إعداد نزله في الجنة، فالغدو والرواح في الحديث كالبكرة والعشي في قوله تعالي: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} يراد بهما الديمومة لا الوقتان المعلومان. ((مظ)): من عادة الناس أن يقدموا طعاماً إلي من دخل بيوتهم، والمسجد بيت الله، فمن دخله أي وقت كان من ليل أو نهار يعطيه الله أجره من الجنة، لأن الله تعالي أكرم الأكرمين؛ فلا يضيع أجر المحسنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>