٧٢٠ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد. وعرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها)) رواه الترمذي، وأبو داود. [٧٢٠]
٧٢١ - وعن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بشر المشائين في الظلم إلي المساجد بالنور التام يوم القيامة)) رواه الترمذي، وأبو داود. [٧٢١]
ــ
خبره، قدم للاهتمام لا للتخصيص؛ لأن في أشراطها كثرة، ولما كان هذا الضيع من قبل الناس، لاسيما من أمته، قدمه اهتماماً لمزيد الإنكار عليهم.
الحديث السادس عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((القذاة)) ((نه)): القذي جمع قذاة، وهو ما يقع في العين من تراب، أو تبن، أو وسخ. لابد ههنا من تقدير مضاف، أي أجور أعمال أمتي وأجر القداة، أو أجر إخراج القذاة، و ((القذاة)) تحتمل الجر و ((حتى)) بمعنى إلي، فحينئذ التقدير إلي أجر إخراج القذاة، فـ ((يخرجها من المسجد)) جملة مستأنفة للبيان، والرفع عطفاً علي أجور، والتقدير ما مر، وحتى يحتمل أن تكون هي الداخلة علي الجملة فحينئذ التقدير حتى أجر القذاة يخرجها. علي الابتداء والخبر.
وشرط الحديث مقتبس من قوله تعالي:{كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى}. وإنما قال:((أوتيها)) ولم يقل ((حفظها)) لينبه به علي أنها كانت نعمة عظيمة أولاها الله تعالي إياه ليقوم بها، ويشكر مولاها، فلما نسيها كأنها كفر تلك النعمة، فبالنظر إلي هذا المعنى كان أعظم حرمان، وإن لم يعد من الكبائر، فلما عد إخراج القذة التي لا يعبأ به لها من الأجور تعظيماً لبيت الله سبحانه وتعالي عد أيضاً النسيان من أعظم الجرم تعظيماً لكلام الله (سبحانه وتعالي) كأن فاعل ذلك عد الحقير عظيماً بالنسبة إلي العظيم، فأزاله عنه، وصاحب هذا عد العظيم حقيراً، فأزاله عن قلبه. انظر إلي هذه الأسرار العجيبة التي احتوتها الكلمات اليسيرة. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
الحديث السابع عن بريدة رضي الله عنه: قوله: ((بشر المشائين)) في وصف النور بالتمام وتقييده بيوم القيامة تلميح إلي وجه المؤمنين يوم القيامة وقولهم فيه: {ربنا أتمم لنا نورنا} في قوله تعالي: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم بين أيديهم وبإيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا} وإلي قصة المنافقين وقولهم للمؤمنين: {انظروا نقتبس من نوركم}.