للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٢٤ - وعن عثمان بن مظعون، قال: يا رسول الله! إئذن لنا في الاختصاء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس منا من خصى ولا اختصى، إن خصاء أمتي الصيام)). فقال: إئذن لنا في السياحة. فقال: ((إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله)). فقال: إئذن لنا في الترهب. فقال: ((إن ترهب أمتي الجلوس في المساجد انتظاراً للصلاة)). رواه في ((شرح السنة)). [٧٢٤]

٧٢٥ - وعن عبد الرحمن بن عائش، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة. قال: فيم يختصم الملأ الأعلي؟ قلت: أنت أعلم)) قال:

ــ

أشمل معنى، وأجمع لما يناط به أمر المساجد من العمارة والاعتياد وغيرها، ألا ترى كيف استشهد صلى الله عليه وسلم: {إنما يعمر مساجد الله} ((الكشاف)): العمارة تتناول رم ما استرم منها، وقمها، وتنظيفها، وتنويرها بالمصابيح، وتعظيمها لله، واعتيادها للعبادة والذكر- ومن الذكر درس العلم بل هو أجله وأعظمه- وصيانتها مما لم تبن له المساجد، من أحاديث الدنيا فضلاً عن فضول الحديث. وقوله: ((فاشهدوا له)) أي اقطعوا له القول بالإيمان، فإن الشهادة قول صدر عن مواطأة القلب علي سبيل القطع.

الحديث التاسع عن عثمان بن مظعون: قوله: ((من خصى)) ((تو)) يقال: خصيت الفحل خصاء، أي سللت خصيته، واختصيت إذا فعلت ذلك بنفسك، وتقدير الكلام: ليس منا من خصى، ولا من اختصى، فحذف: ((من)) لدلالة ما قبلها عليها، والمعنى ليس من فعل ذلك ممن يهتدي بهدينا ويتمسك بسنتنا. انتهي كلامه. ولعل إيجاب تقدير ((من)) لئلا يتوهم أن التهديد وارد علي من جمع بين الخصاء والاختصاء، ولا يتناول من تفرد بأحدهما، ولا النافية جيء بها مؤكدة للنفي بين المعطوف والمعطوف عليه.

وقوله: ((في السياحة)) فالسياحة مفارقة الأمصار، والذهاب في الأرض، كفعل عباد بني إسرائيل. قوله: ((في الترهب)) ((نه)): من رهبته، وأصلها من الرهبة والخوف كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا، وترك ملاذها، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها.

فإن قلت: هل تسمى هذه الأجوبة بأسلوب الحكيم؟ قلت: لا يبعد ذلك؛ لأن ظاهر الجواب المنع، فلما أرشدهم إلي ما هو الأصوب والأهم بحالهم، من القصد في الأمور والتجنب عن طرفي الإفراط والتفريط المذمومين، دخلت في الأسلوب، ولما كان السؤال الأول بعيداً من الحكمة- وهي ما خلق الإنسان لأجله من تكاثر النسل لعبادة الله- قدم الزجر والتوبيخ تنبيهاً علي ما هو الأولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>